المهارات
اللغوية
نظرا لتطور الحياة وكثرة تعقيداتها وابتعاد أغلب الأجيال على أصالة اللغة,
تطورت نظرة الباحثين في النظر إلى تعليم اللغة وتعلمها. لذلك تجد الباحثين يأخذون
بعين طبيعة اللغة ووظيفتها في الحياة وحاجة المتعلم إليها. ونظرا لان اللغة وسيلة
اتصال, والاتصال عملية تفاعلية بين طرفين بهدف المشركة وتحقيق الاحتكاك, برزت
للدراسة فكرة المهارات اللغوية لتحقيق آمال الإنسان التي ينشدها.
والمهارة كما هي في موسوعة علم النفس
الحديث:"تعني القدرة على الأداء المنظم والمتكامل للأعمال الحركية المعقدة،
بدقة وسهولة، مع التكيف مع الظروف المتغيرة المحيطة بالعمل"
وللحديث عن المهارات اللغوية لزاما علينا
المرور أولا للتعرف على نظرية الاتصال وأركانها الأساسية المتمثلة في: المرسل,
المرسل إليه, الرسالة, الوسيلة,....الخ. والوسيلة هي اللغة- ألفاظها وتراكيبها
الحاملة للمعاني- وهي هدفنا المقصود في هذا الصدد, لأن التواصل لا يكون إلا بين
مرسل ومرسل إليه, باعتبارها الطرفين الأساسيين. والمرسل لا يكون إلا متكلما أو
كاتبا, والمرسل إليه (المستقبل) لا يكون إلا مستمعا أو قارئا. وعليه تتشكل اللغة
من أربع مهارات، هي: (الاستماع والكلام) عندما يكون الخطاب مباشرا و(القراءة
والكتابة). والحديث عن هذه المهارات الأربع يكون بدأ انطلاقا من نظرية الاتصال
وأركانها الأساسية التي لا تخرج على أن الإنسان إما متحدثا أو مستمعا, وإما كاتبا
أو قارئا. وتلك عينها المهارات الأساسية الأربع: (الاستماع – الكلام - القراءة -
الكتابة). لأن هناك مهارات أخرى –ولاشك- يمكن التطرق إليها في مواضعها.
ولا شك أن أهداف تعليم اللغة وتعلمها التي يسعى
إليها أي متعلم للغة على العموم وينسحب ذلك على اللغة العربية, تتمثل في تحقيق
ثلاثة أهداف، هي:
- سيطرة المتعلم على
المستويات الأساسية كالنظام الصوتي للغة، إنتاجاً واستماعا، ومعرفة بتراكيب اللغة،
وبقواعدها الأساسية: نظرياً ووظيفياً؛ والإلمام بقدر ملائم من مفردات اللغة، للفهم
والاستعمال.
- الكفاية الاتصالية
وهي قدرة المتعلم على استخدام اللغة بصورة تلقائية، والتعبير بطلاقة عن أفكاره
وخبراته، مع تمكنه من استيعاب ما يتلقَّى من اللغة في يسر وسهولة. لأن الأصل في
اللغة المشافهة. والوظيفة الأساسية هي التواصل.
وقبل الخوض في معرفة المهارات ومقتضياتها
ينبغي أن نشير إلى أمرين اثنين هما:
- أما الأمر الأول:
فلكي يكون الاتصال جيدا ينبغي تحقيق الصفات الآتية:
أن يكون الإرسال جيدا بحسن نطق الأصوات ووضوح
العبارات وأن يكون الكلام لائقا مناسبا. وإذا كان الإرسال كتابة يضاف إلى ما سبق
حسن الخط والعناية بلوازم الكتابة من وضع علامات الترقيم وغيرها مما يجعل الكتابة
مفهومة مؤدية لغرضها. أما المستقبل فينبغي أن يكون قادرا على حسن الاستقبال وحل
الرموز وجودة الفهم, وأن يكون قادرا على القراءة ودلالة الرموز الخطية.
- أما الثاني: يتعلق
باتجاهات تدريس علوم اللغة متمثلة في مهاراتها الأربع, حيث تنوع الرؤى في كيفية
تناول وتدريس هذه المهارات اللغوية, وبرز في ذلك اتجاهان اثنان: الأول: يدعو إلى
تدريس اللغة وحدة متكاملة, قراءة وكتابة واستماعا وكلاما وفهما وتذوقا. وذلك عملا
على أن يتعامل الدارس والمدرس مع اللغة وحدة متكاملة غير مجزأة, باعتبار أن
المتعلم يسمع اللغة كلا متكاملا. وعليه تفضل أن تدرس المهارات دفعة واحدة, ويدرس
المعلم الواحد جميع المهارات. ومهما يكن لهذه الطريقة من الايجابيات فإنها تتضمن
بعض السلبيات كعدم ملاءمتها للأطفال الصغار الذين لم يتدربوا بعد على معرفة العناصر
اللغوية كاملة متكاملة.
والثاني: يدعو إلى
التعامل مع عناصر اللغة مجزأة عملا على إعطاء كل عنصر حقه من الفهم والدراسة والوقت
المناسب وغير ذلك. ويرى أن المهارات اللغوية ينبغي أن تدرس مجزأة مفصولة عن بعضها
البعض. ولذلك يدعو إلى أن يتخصص المدرسون في مستويات أو مهارات محددة, فيعبن كل
مدرس لتدريس مهارة من المهارات ليكون خبيرا في المهارة التي يتولى تدريسها, وفق
"البناء الميكانيكي"ولذلك عيوب كثيرة. وعليه نفضل أن تدرس المهارات دفعة واحدة, ويدرس المعلم الواحد
جميع المهارات.
أولا: مهارة الاستماع
السمع
أول المهارات اللغوية, يمثل مفتاح بقية المهارات الأخرى، لأن اللغة سماع قبل كل
شيء, "والسمع أبو الملكات"
وذلك باعتبار أن اللغة أصوات معبرة, والأصوات ينبغي أن تدرك بحاسة الأذن. وقبل
الخوض في صلب الموضوع نقف عند المصطلح الذي تتداخل معه مصطلحات أخرى, وهي: السماع,
الاستماع, الإصغاء والإنصات. وبالرغم من تداخلها إلا أن لكل مصطلح معنى يميزه عن
غيره.
أما السماع: فهو أن
تستقبل الأذن أصواتا معينة وكلاما ما دون اهتمام." سمع الشيء: أدركه بحاسة
الأذن"فالإنسان في هذه الحالة لم يقصد إلى السماع ولم يتهيأ له,كان يكون في أي مكان
وتسمع أذنه كلاما كثيرا من كل ناحية دون أن يعيرها اهتماما.ومنه قوله تعالى:
" {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا
أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ} (55) سورة القصص. فهم لم يقصدوا إليه.
أما الإنصات: فهو
استماع مستمر, بحيث يكون بالغ الاهتمام. ولهذي المصطلحين ورد قوله تعالى: {وَإِذَا
قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (204)
سورة الأعراف. وهو نفسه الإصغاء, أي: " أحسن الاستماع"
مهارة الاستماع أولى المهارات اللغوية التي
ينبغي إعطاؤها اهتماما فائقا, حيث تكمن أهميتها في أن الإنسان يكون في مختلف ظروف
حياته مستمعا أكثر مما يكون متكلما. وأن اللغة تبدأ بالسماع أولا وقبل كل شيء,
فالطفل يسمع أولا ويتكلم ثانيا, ثم يقرأ ويكتب في آن واحد. ولن الملاحظ كذلك أن
الإنسان يسمع ويكتب أكثر مما يقرأ ويكتب. لذلك فإن إهمال مهارة الاستماع تقود إلى
عدم إتقان الكلام الجيد والقراءة الجيدة.
إضافة إلى فوائد علمية أخرى وهي أن إهمال التدرب على الاستماع يقود
بالضرورة إلى عدم الاستيعاب الجيد للغة وقضاياها, وكذا إلى عدم القدرة عليه في
مستقبل حياة الإنسان مما يجعله غير متوازن.
والمتتبع لآي القرآن الكريم سيقف على أن السماع
مقدم كلما ذكر مع جملة من الحواس الأخرى. ومن ذلك الآيات التالية:
- {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي
الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ
الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ}
(20) سورة هود
- {وَاللّهُ
أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ
الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (78) سورة
النحل
- {وَلاَ تَقْفُ مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء
- {وَهُوَ الَّذِي
أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا
تَشْكُرُونَ} (78) سورة المؤمنون
- {ثُمَّ سَوَّاهُ
وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} (9) سورة السجدة.
- {قُلْ هُوَ الَّذِي
أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا
مَّا تَشْكُرُونَ} (23) سورة الملك.
والأمر نفسه ينطبق على صفاته عز وجل, فهو عندما
يعدد صفاته, ويذكر السمع, يكون الأول على الدوام. كما في قوله تعالى:
- {سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء
- {فَاطِرُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ
الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى. وفي غيرها من آيات أخرى.
ولا
شك أن الاستماع يحظى في حياة الأفراد عموما وعند المتعلمين خصوصا بدور مهم، وهذا
الذي يدعو أن يكون نصيبه في برامج تعليم اللغة نصيبا وافيا يؤدي الهدف المرجو منه.
خصوصا في المستويات الأولى, وخاصة في الأسابيع الأولى من دروس الاستماع, حيث لا
يستطيع المتعلمون القراءة ولا الكتابة. ولا يملكون رصيدا لغويا معتبرا, خصوصا وأن
الإنسان يحتاج إلى رصيد لغوي أكبر، وهو يمارس الاستماع والقراءة، على حين أنه
يحتاج إلى رصيد أقل من اللغة، وهو يمارس الكلام والكتابة, ومن ثم ينبغي أن نوفر
لهم مواد يسيرة يستطيعون من خلالها التدرب على الاستماع. ويمكن استغلال الصور
والرسوم والخرائط وغيرها لكي تكون حافزا لهم ومدعما على فهم المطلوب، وما عليك إلا
أن تعرض صوراً أمام المتعلمين، ثم تلقي عليهم أسئلة تدور حولها، ويمكن في هذه
الحالة- لقلة ما لديهم من مفردات- أن تقبل منهم الإجابة بأي شكل يؤدي الغرض
كالإشارة مثلا، أو الإيماء. تأكيدا منهم على أنهم أدركوا ما تريده منهم
ومن الباحثين من يصف عمل الإسماع بالقراءة
الاستماعية, وقد عرفت بأنها:"عملية استيعاب الألفاظ المسموعة
وفهمها، وتحليلها وتلخيص ما جاء فيها من معان وأفكار، وفيها يكون القارئ واحدا
والآخرون مستمعين فقط، دون متابعة في دفتر أو كتاب، كي يتفرغ الذهن للفهم وغيره من
المهارات، وهي تقوم على الاستماع والإنصات" حيث يتلقى المتعلم المقروء أو
المقول عن طريق الأذن هذا ما أسس عليه الرأي القائل بأنّ القارئ فيها قارئ واحد
وليس قرّاء، ووصفوا البقية بالمستمعين، لأن القارئ ينقل لهم فهمه وأحاسيسه وميوله
عن طريق نبرة صوته وانفعاله مع المقروء، فلا يمكن أن يكون لكل مستمع قراءة خاصة من
خلال الاستماع، وهذا النشاط نفسه هو المطلوب في تعليم الاستماع للمبتدئين, "
ومنه فالقراءة الاستماعية لا تعوّض القراءة الجهرية أو الصامتة لعدة خصائص، لكن
هذا لا يلغي دور القراءة الاستماعية ومكانتها ومواطنها،" والأمرليس كذلك, إذ
لا علاقة لهذا بذاك. وهذا عمل مطلوب في
الاستماع, وهي مهمة في تدريب المتعلم على الانتباه والإصغاء الواعي لموضوع يقرأ أو
قصة تلقى، فيعتمد على الاستماع لإدراك المضمون، ثم يتجاوب في النقاش مع المعلم
فيما استمع إليه، وبذلك يتعلم سرعة الفهم, ويسهل تقويم انتباهه وتركيزه، وتظهر
الفروق الفردية بينه وبين أقرانه والعيوب التي تعيق بعضهم عن متابعة
القارئ".."ولذلك هي أقرب أن تضم إلى الاستماع لا إلى أنواع القراءة كما يعتقد.
وللوصول بالمتعلمين إلى القدر الذي تنشده من
التمكن من جوانب هذه المهارة يمكن مراعاة الخطوات التالية, كخطة عملية لتحقيق
الهدف:
1- تهيئة المتعلمين
نفسيا لدرس الاستماع وتحضرهم إليه, باعتباره هدفا مقصودا لذاته، كتوفير الهدوء, وإبعاد
ما يمكن أن يشغل المتعلم من عناصر التشويش, والتقديم للموضوع بطريقة مشوقة
ممتعة, وتوضح لهم طبيعة ما سيستمعون إليه
والهدف منه.
2- تعرض المادة والتي
قد تكون قصة قصيرة مؤثرة, كأن يكون نصا جديدا, له صلة بالواقع المعيش, له علاقة
باهتماماتهم كأطفال مثلا, بأسلوب يتلاءم
مع الهدف المطلوب؛ كالبطء في قراءة المادة المسموعة، أو إعادتها أحيانا, وأن يكون
سهلا بسيطا في أفكاره, قصيرا غير ممل.
3- أن تكون القراءة
دقيقة, بصوت بارز مناسب للقاعة, تبرز من خلالها علامات الإعراب( في اللسان العربي)
وتحترم علامات الترقيم, ويتوقف هذا الأمر على طاقات المدرس وفنياته القرائية.
4- أن يكون وقوف
المدرس مناسبا في مكان ملائم, يراه كل المتعلمين, غير متجول في القاعة, مستعينا
بالحركات والإشارات الضرورية دعما للفهم وتوضيحا لمعاني النص.
5- مناقشة المتعلمين
فيما استمعوا إليه بطرح أسئلة محددة، ترتبط بالهدف الموضوع. أو مطالبتهم بتلخيص ما
استمعوا إليه. وتعمل على أن تقوّم أداءهم للوقوف على مدى تقدمهم.
لأن فهم النص المسموع
يعد أصعب من فهم النص المقروء، لذا لا يتوقع من الطلاب - خاصة في المستويات
الأولى- الإجابة عن الأسئلة إجابة كاملة؛ فقد يتردد بعضهم، أو يطلب بعضهم التكرار؛
لذا يمكنك أن تزودهم ببعض التعليمات، أو الإشارات التي تيسر لهم الإجابة، ولكن لا
تعطهم الإجابة كاملة، ولا تكرر لهم الجمل، أو العبارات، أو الحوارات، إلا إذا ما
اتضح لك أنهم عاجزون تماماً عن الإجابة الصحيحة. ولا شك أن الخبرة وطول الممارسة
تكسب المدرس من الطرق الفعالة ما تجعله قادرا على أداء هذه المهمة بإتقان رفيع.
أنواع الاستماع:
يقسم بعض الباحثين
مهارة الاستماع إلى أنواع بالنظر إلى مستوى المتعلم, لأن المتعلم على مستويات
متفاوتة, فالمبتدئ له طرق وأهداف, وغيره له طرق أخرى وأهداف أخرى. كما أن الاستماع
يظل مستمرا في حياة الإنسان لشدة الحاجة إليه عند الإنسان عموما وأصحاب الاهتمام
كالمدرسين والمثقفين خصوصا. فقد تصادق من لا طاقة له على الاستماع لأنه لم يتدرب
عليه. ومن لا يستطيع البقاء لمدة طويلة مستمعا لأنه لم يتدرب عليه كذلك. في حين أن
الإنسان قد يضطر إلى ضرورة البقاء لمدد طويلة مستمعا تحقيقا لأهداف معينة أو أداء
لخدمة معينة. ولا تعقد الدورات التدريبية إلا لمثل هذا الهدف وغيره من أهداف أخرى.
وعليه فأنواع الاستماع يمكن تحديدها بحسب الأهداف إلى ما يلي:
الاستماع المكثف، ويكون الهدف منه تدريب الطالب
على الاستماع إلى بعض عناصر اللغة، كجزء من برنامج تعليم اللغة العربية، كأن يهدف
الاستماع المكثف إلى تعليم أسلوب معين من الأساليب اللغوية, أو تحديد فنيات القصة
القصيرة, أو تنمية القدرة على استيعاب محتوى النص المسموع بصورة مباشرة, وهذا
النوع من الاستماع المكثف، لا بد أن يجري تحت إشراف المعلم مباشرة، وهو في ذلك
مخالف للاستماع الموسع.
الاستماع الموسع، إلى إعادة الاستماع إلى مواد
سبق أن عرضت على الطلاب، ولكن تعرض الآن في صورة جديدة أو موقف جديد. كما أنه
يتناول مفردات أو تراكيب لا يزال الطالب غير قادر على استيعابها أو لم يألفها بعد.
الاستماع التثقيفي والممتع: ويكون القصد منه
طلب الثقافة والاستزادة من العلوم والمعارف, ويكون عادة لذوي المستويات العالية,
رغبة منهم في التعلم والتعرف أكثر, أو في المجالس العامة طلبا للمتعة, ودفعا للملل
والركود, كعرض قصص ممتعة أو إجراء نقاش موسع, أو غيره مما يميل الناس إليه.
وجميعها أنواع مطلوبة لأنها تؤدي هدفا محددا, وتحقق رغبة من الرغبات المستهدفة في
حياة الإنسان.
ثانيا:
مهارة الكلام
الكلام أو التعبير هو الإنجاز الفعلي للغة،
والممارسة الفعلية المطلوبة للغة تحقيقا لغرضها الأساس الذي هو التواصل. لذلك
فاللغة هي الأصوات التي تصدر من جهاز النطق عند الإنسان ليعبر بها عن مختلف أغراضه
وقضاياه في الحياة. أما الكتابة وغيرها من وسائل أخرى فهي محاولة لتمثيل الكلام،
اخترعها الإنسان لحاجته إليها. لذلك عرف الإنسان الكلام قبل أن يعرف الكتابة
بزمن طويل. ويتعلم الولد الكلام قبل أن يأخذ في تعلم الكتابة, لأنه يتعامل
بالكلام مع محيطه قبل أن يعرف الكتابة في سن أخرى من تطور حياته. لذلك فالكلام من
المهارات الأساسية، التي يسعى الطالب المتعلم إلى إتقانها في اللغات عموما. ولقد
اشتدت الحاجة إلى هذه المهارة، عندما زادت أهمية الاتصال الشفهي بين الناس. ومن
الضرورة بمكان عند تعليم اللغة العربية أو غيرها من اللغات، الاهتمام بالجانب
الشفهي، وهذا هو الاتجاه، الذي نرجو أن يسلكه مدرس اللغة العربية، وأن يجعل منه
همه الأول، تمكين الطلاب من الحديث بالعربية، لأن العربية لغة اتصال، يفهمها
ملايين الناس في العالم، ولا حجَّة لمن يهمل الجانب الشفهي، ويهتم بالجانب
الكتابي, مدعياً أن اللغة العربية الفصيحة لا وجود لها، ولا أحد يتكلّمها.
والتعـبير كما ورد في اللسان هو الإبانة
والإفصاح « عبر عما في نفسه: أعرب وبين. وعبر عنه غيره: عيي فأعرب عنه، والاسم
العِبْرَةُ، والعبارة والعَبارة. وعبر عن فلان: تكلم عنه. واللسان يعبر عما في
الضمير.» والتعبير كمصطلح تربوي هو عمل منهجي يسير وفق
خطة متكاملة في المؤسسات التعليمية وصولا بالطالب إلى مستوى يمكنه من ترجمة أفكاره
ومشاعره وأحاسيسه ومشاهداته وخبراته الحياتية بلغة سليمة، وفق نسق فكري معين
والتعيير كما يصطلح عليها في المؤسسات التربوية أو مهارة الكلام من أهم الأنشطة
التي ينبغي العناية بها والتركيز عليها باعتبار أن اللغة أصوات قبل أي شيء آخر. وإن
كان التعبير عند الإنسان يتنوع للإفصاح عما في النفس من أفكار ومشاعر إما باللفظ
أو الإشارة أو بقسمات الوجه أو بالرسم أو الحركة إلا أن للفظ خصوصية ليست إلا له
دون سواه.
والتعبير في مجمله شفويا كان أم تحريريا
عاكسا للشفوي هو الصورة النهائية والحقيقية التي تفصح عن القدرة اللغوية عند
الإنسان المتعلم، وتكشف عن مستوى الأداء اللغوي في الاتصال بهذه اللغة دون عقبات.
وقد استبدلت التربية الحديثة مصطلح التعبير بالإنشاء، لأن التعبير هو المظهر
العفوي للغة، ولذلك عندما يحدد رومان جاكبسون الوظائف الست للغة, يجعل وظيفة
التعبير مفصولة عن وظيفة التبليغ, لأن التبليغ يقتضي مستقبلا( مرسلا إليه), بينما
لا يقتضي التعبير ذلك, إشارة إلى أنه أعم وأشمل, ليس بالضرورة أن يكون في الجانب
الآخر مرسلا إليه, وليس بالضرورة أن يكون وفق منهجية محددة, أو في موضوع واحد. على
حين أن الإنشاء – المصطلح التربوي- هو المظهر الاصطناعي الذي يتحايل فيه المتعلم
على تحقيق أهدافه, ويتقيد فيه بمنهجية محددة لا يزيغ عنها. إضافة إلى أن التعبير
أوسع من الإنشاء، فهو يشمل مجالات الحياة كلها؛ في البيت والشارع والمدرسة
والطبيعة. فهو مرآة الحياة كلها، والإنشاء صنعة.
أهداف تدريـس مهارة التعـبير:
- القدرة في السيطرة
على اللغة كوسيلة للتفكير والتعبير والاتصال, وهذا يعني العناية ببناء المهارة على
التواصل بشكل سليم, انطلاقا من الوظيفة التواصلية الأساسية للغة, لأن سلامة اللغة
أهم ما ينبغي مراعاته أثناء التعبير، لذلك يركز المربون على تحقيق التلقائية
والعفوية والطلاقة في الكلام والاسترسال فيه.
-
تنمية قدرته على تشكيل جمل مفيدة.
- تدريب التلاميذ على الارتجال وتعزيز مشاعر
الثقة بالنفس لديه من خلال إزالة الخوف والخجل وما ينتابه من تردد.
- تزويده بمهارات وخبرات تقتضيها متطلبات
الحياة كالمواجهة المباشرة, وكتابة التقارير والرسائل والمناقشات العامة.
- تمكينه من التعبير
الحر عن خبراته ونظرته الخاصة في أمر من أمور الحياة.
- القدرة على تلخيص نص طويل أو توسيعه أو
كتابة نص أو خاطرة بلغته الشخصية.
- مساعدة المتعلم على
ابتداع وابتكار معاني جديدة والتخلص من الرواسب والمعاني المعجمية المتداولة، وفي
هذا دعم معنوي وبعث للشعور بالثقة بالنفس لدى التلاميذ.
وما
هذه الأهداف التي ذكرناها آنفا إلا لأن التعبير يتطلب عنصرين متلازمين هما:
المحتوى والأسلوب. أما المحتوى فهو مجموع الأفكار التي تشكل المادة العملية
ويستقيها التلميذ من خلال مشاهداته المباشرة للعالم من حوله أو حوصلة قراءاته
الخارجية. في حين يعد الأسلوب الوسيلة التي يتم من خلالها إيصال الفكرة, وهي
الوعاء الذي تصب فيه تلك المادة. ولا شك أن الأهداف تتحدد تبعا لكل مرحلة من
المراحل التعليمية، حيث تراعى فيها المناهج التربوية وما يمليه التطور اللغوي
والمواصفات العمرية لكل فئة في طور من الأطوار.
معطيات التعـبير:
كي نحقق تعبيرا جيدا
من طرف المتعلم ينبغي مراعاة المسألتين التاليتين:
-
يقتضي تحقيق التعبير أو بناء مهارة الكلام عند المتعلم أن تتوافر فنية
القول ووسائله؛ بحيث لابد من وجود ظروف ملائمة تبعث على المشافهة وتدفعهم للتحدث
باللغة الفصحى تحت مراقبة المعلم الذي ينبغي أن يصفي إليهم باهتمام لتصحيح أخطائهم
وأن يتناولوا الفكرة بالتعليق كالمناقشات والحوار..والاستماع إلى الشعر والقصص،
ومشاركة الآخرين في إبداعهم وتمثيل القصص والمسرحيات.وما إليه مما ينشط المتعلم
ويدفعه للحديث أو الكتابة. والطالب لكي يتعلم الكلام،ويبني هذه المهارة بناء متينا
عليه أن يمارس اللغة ممارسة فعلية, فيتكلم, ويتكلم, ويتكلم, والطالب لن يتعلم
الكلام إذا ظل المدرس هو الذي يتكلم طول الوقت، والطالب يستمع فحسب كما دأبت على
ذلك الطرق التقليدية. ومن هنا, فإن المدرس الكفء هو الذي يعمد إلى إثارة المتعلمين
للكلام، وتوجيه الأنشطة وتصحيح الخطأ وإعانة المتكلم في كلمة أو جملة ما وهكذا. إن
الممارسة الفعلية هي وحدها ما ينبغي أن نعمد إليه كي نجعل المتعلم يمارس اللغة
بذاته. لذلك فإن للحوار أهمية كبيرة في تعليم اللغة، فهو غاية ووسيلة في الوقت
نفسه, فهو غاية لأنه الصورة المركزة لمحتويات الدرس والمضامين المقصودة، والأساس
الذي يمد الطالب بألوان من الجمل والتعبيرات والألفاظ والأصوات، التي يحتاج إليها
الطالب، وبخاصة عند التدريب على مهارة الكلام. والحوار وسيلة، لأنه يضم التراكيب
النحوية والمفردات في مواقف وسياقات مختلفة، تعتمد عليها التدريبات اللغوية لتأخذ
بيد الطالب نحو استعمال اللغة وممارستها في التعبير والاتصال. وعلى المدرس أن ينظر
إلى الحوار، والتدريبات التي تليه، باعتبارها كلاً لا يتجزأ، كما أن دور الطالب لا
ينتهي بمجرد استيعاب الحوار وحفظه، وإنما باستخدامه في مواقف الحياة المماثلة.
- أن يكون الموضوع ذا صلة بحياة المتعلم,
معبرا عن قضاياه, مثيرا لاهتمامه وأشواقه، يتحمسه المتعلم للتعبير عنه وإبداء
الرأي فيه. وذلك لتحقيق الرغبة في التعبير عند المتعلم. حيث تتكون أبعاد التعبير مع ما يتوفر للتلميذ
من أشياء يشعرون بها، فيعبرون عنها، مع توفر الوسائل والدوافع التي تعينهم في
القول شفاهة أو كتابة.
أشكال التعـبيـــر
الحديث عن التعبير حديث خاص عن مهارتي
الحديث والكتابة في ظل حلقة تواصلية تتعدد أشكالها ومساعيها, الأمر الذي اجتهد
المربون وفقه على تقسيم التعبير فكانت آراءهم لا تخرج في مجملها عن مسألة الشكل
والمضمون أو قضية التأدية والغرض من الاستعمال ومن ثم طرحوا من جهة الأداء التعبير
الشفهي والتعبير الكتابي. ومن جهة الموضوع نجد التعبير الوظيفي والتعبير
الإبداعي.
- التعبير الشفهي: هو نوع يجسد المسلمة التي
أرساها البحث الحديث في ظل علم اللغة التركيبي بأن اللغة الإنسانية الحق هي الحديث
لا غير؛ حيث أن الحديث والمحادثة لها الدور الذي لا ينبغي الاستهانة به وخاصة في
مراحل التعليم المبكر، وهذا ما يؤكده
"ستون" من خلال حسابه لتواتر المناشط اللغوية؛ إذ وضع المحادثة
في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، ثم القراءة ثانيا، فالكتابة ثالثا.
إن التعبير الشفوي هو العملية التعليمية التي
تقوم على تعليم فن التواصل وتنمية مهارة الحديث والاستماع ، ويتم ذلك بقيام أحد
التلاميذ للتحدث في موضوع ما مبرزا فيه رأيه ومضفيا عليه سماته الشخصية وذلك شريطة
التحدث بلغة سليمة, لذلك يعد التعبير الشفوي المنطلق الأول للتدرب على التعبير لأن
مهاراته «غرس الثقة بالنفس وزيادة القدرة على اختيار الأفكار وتنظيمها وزيادة
القدرة على استخدام الكلمات المعبرة واستخدام الصوت المعبر والنطق المتميز
واستخدام الحركات الجسمية والوقفة المناسبة والقدرة على تكييف الكلام وتنظيمه
وتوظيفه بحسب الموقف المطلوب»
- التعبير الكتابي: يعد هذا النوع الأصعب
مقارنة بالتعبير الشفوي ذلك أنه يعتمد عديد مهارات تتكاتف فيما بينها لتشكل عملا
منسقا متكاملا ومن ثم فهو تدريب عملي على التفكير من ناحية وعلى استخدام اللغة نحوها
وصرفها وتراكيبها...من ناحية أخرى ولعل أصعب ما في التعبير الكتابي هو الطريقة
التي يتم بها تعليم التلاميذ كيفية إيجاد الأفكار؛ أي أن يجدوا ما يقولون وهدا ما
يتعلق بالتوافق بين اختيار الموضوعات وعلاقتها برغبات التلاميذ وميولاتهم فالتعبير
التحريري عملية تحويلية للأفكار والمعلومات والآراء الموجودة في الدهن إلى حروف
مرسومة وعبارات منتقاة في شكل عمل مكتوب يترجم الأفكار ويعكسها في صورة مرئية ؛
فهو نقل من التجريد إلى الحسية.
- التعبير الوظيفي: هو ذلك النوع الذي يؤدي
وظيفة للإنسان في مختلف مواقفه الحياتية, ومن ثم فقد يكون شفاهة أوفي صورة مكتوبة.
ولذلك تغلب على أسلوبه الموضوعية والبعد عن الذاتية. كما أن العناية فيه تكون
بالمضمون على حساب الشكل حيث الألفاظ دالة على المعنى من غير إيحاء ولا تلوين.
وتتجلى صوره أكثر في المحادثة والمناقشة وقص القصص وكذلك سرد الأخبار...الخ.
- التعبير الإبداعي: وهو كل ما تجود به قريحة
المتعلم وعاطفته من شعر وقصص خواطر تجلي
شخصيته. ويظهر ذلك بوضوح في عدد من الأشكال الأدبية، كتأليف المسرحية، وإنجاز
اللوحات الإشهارية ونظم الشعر، وكتابة المقالات الذانية، والقصص العاطفية، والرسائل
الوجدانية. وغيرها من موضوعات التي تقتضي الطابع الأدبي البحت.
وكل نوع من تلك الأنواع السابقة يندرج ضمن عملية
الإرسال؛ على اعتبار أن للإرسال مهارتين هما: الكلام، والكتابة. كما للاستقبال
مهارتين هما: الإسماع، والقراءة.
إن الروافد الأساسية
المساعدة على إجادة التعبير وتغذية ملكة المتعلم أبرزها :
- القراءة: هي بالإضافة إلى كونها معرفة
الحروف والكلمات، والنطق بها نطقا صحيحا. فهي كذلك « معرفة الأفكار والمعاني التي
تشتمل عليها المادة المقروءة، وفهمها جيدا ثم نقدها، والتمييز بين التافه منها
والمفيد. بحيث يدرك القارئ الضار منها ويستفيد من الجيد في إلقاء الأضواء على
مشكلات حياته، حتى أصبحت القراءة أسلوبا من أساليب حل المشكلات التي تواجه المرء
في حياته.»لأن القراءة تنمي ملكة التفكير لدى المتعلم، وتروض لسانه على النطق الصحيح، وتضمن
له نموا في مختلف الميادين والمجالات.
- المطالعة: التي تعتبر المخزون اللغوي
والثقافي الذي يستمد منه المتعلم مختلف أفكاره. حيث تساعد في تدريب التلاميذ على
ضبط لغتهم بقواعدها المختلفة –حديثا وقراءة وكتابة- بشكل يتلاءم مع تدرج مستواهم
العقلي واللغوي في سلم التعلم التصاعدي
كما تعد المادة الأولية التي تدعم نجاح المعلم في تقديم حصة التعبير، فإنها
المعين الذي لا ينضب لإثراء الثروة اللغوية والفكرية للمتعلمين. كما أنها تمرين
للألسنة والأقلام على استخدام القوالب اللغوية وأنماطها. مما يفيد المتعلم في
القراءة والكتابة بشكل سليم، كما تجعله يفهم ويدرك ما يسمع في ظل معرفته بقواعد
نحو اللغة.
- الإملاء: هو عملية تحويل الأصوات المسموعة
والمفهومة إلى رموز مكتوبة. على أن توضع هذه الحروف في مواضعها الصحيحة من الكلمة،
وذلك لاستقامة اللفظ وظهور المعنى المرادوهو وسيلة مهمة في
تنمية المهارة الكتابية وكذا السمعية. ومن ثم التمييز بين الأصوات.
إن هذا التكامل بين فروع اللغة يظل قائما
في المناهج التربوية ودعوى الإصلاح الجديد إذ جعل التعبير غاية وبقية الفروع وسائل
مدعمة له؛ وهذا بكون القراءة تزود القارئ بالمادة اللغوية، والمطالعة منبع للثروة
الأدبية والفنية، والإملاء وسيلة لرسم الكلمات والحروف رسما صحيحا. إضافة إلى
القواعد النحوية التي ينبغي أن ينبها إليها المدرس كلما سنحت الفرصة بذلك, فإنها
وسيلة لصون اللسان والقلم من الزلل والخطأ في التعبير.
مهارتا القراءة والكتابة
إن الفرق الأساس بين أن تكون أميا أو غير أمي
هو أن تكون قادرا على القراءة والكتابة أو لا تكون, على الأقل كمرحلة أولى في
مفهوم الأمية. والأميون اليوم عندما يدخلون مراكز محو الأمية يكون همهم الوحيد بدأ
أن يقرؤوا وأن يكتبوا ليس غير. ذلك أن الكتابة والقراءة هي التي تصنفهم في مصاف
طبقة أخرى غير الطبقة التي يوصفون بها. ويكاد الأطفال الصغار أن يكونوا مثلهم حين
يدخلون المدرسة لأول مرة حيث يكون هدفهم الأساس أن يقرؤوا كل ما يقع عليه أبصارهم،
وكتابة ما يدور في أنفسهم، وهم لا يدركون أن بلوغ هذه الغاية فيه كثير من الجهد
والصعوبة، لأنّ القراءة والكتابة تتطلبان "كثيرا من النضج, والاستعداد اللذين
لا يصل إليهما معظم الأطفال قبل سن
السادسة, كما أثبتت البحوث العلمية".، ولا شك أن
الاستعداد هو:"إمكانية الفرد للوصول إلى درجة من الكفاية عن طريق التدريب
سواء أكان هذا التدريب مقصودا أو غير مقصود؛ فأحسن اثنين استعدادا من استطاع منهما
أن يصل إلى مستوى أعلى من الكفاية بمجهود أقل وفي وقت اقصر"وعليه من الضروري معرفة مدى استعداد الطفل للتعلم قبل الانطلاق في تعليمه.
أما القراءة فهي: فن أساسي من فنون اللغة,
وركن مهم من أركان الاتصال اللغوي تساعد في تذوق معاني الجمال وصوره. وقرأ: الشيء
قرآنا، جمعه وضم بعضه إلى بعض، فالقرآن معناه الجمع، وقرأت القرآن لفظت به مجموعا،
وكل شيء قرأته فقد جمعته، وتقرّأت بمعنى تفقّهت وتنسكت أي أصبحت قارئا فقيها
وناسكا، والقرء والقارئ الوقت، والقرء الاجتماع.
وتعد القراءة المصدر الأساسي لتعلم اللغة
العربية للمتعلم، وهي مهارة تحتاج إلى تدريبات خاصة ومتنوعة. وينبغي أن تقدّم
القراءة للتلميذ المبتدئ الذي لم يسبق له تعلم اللغة العربية من قبل بالتدرج,
انطلاقاً من على مستوى الكلمة، فالجملة البسيطة (مبتدأ أو خبر غالباً) ثم الجملة
المركبة ثم قراءة الفقرة, ثم قراءة النصوص الطويلة.
ولا شك أن هذا التدرج وهذه التدريبات تتطلب عددا
من القضايا:
-
قدرة على تحقيق المطلوب, والقدرة "هي كل ما يستطيع الفرد أداءه في اللحظة
الراهنة، من أعمال عقلية وحركية، سواء أكان ذلك نتيجة تدريب أو بدون تدريب كالقدرة
على تذكر قصيدة من الشعر، وللقدرة اللغوية دور أساسي في التنظيم العقلي للإنسان وقد أكدت البحوث والدراسات أن
القدرة اللغوية هي سبب الفروق الفردية في الأنشطة العقلية والمعرفية."
إضافة إلى ذلك يتطلب أن لتعلم مهارتي القراءة
والكتابة ممهدات متمثلة في:
- مهارة التمييز البصري وتتوفر لدى الطفل
بالنضج العضوي والعصبي والحاسّي, إضافة إلى الاستعداد الشخصي." ولهذا دور كبير في نجاح الطفل أو فشله في المهارتين المذكورتين أعلاه. كما لا يصح
تخطي مرحلة الاستعداد بأنواعه نظرا لأهميته العلمية في حياة الطفل, " فهناك
عدة عوامل تؤثر في استعداد الطفل للقراءة والكتابة ومن هذه العوامل:
- الاستعداد العقلي والجسمي والانفعالي:
كالبصر،السمع ،النطق, وكل ما يتعلق بتأثير العوامل الاجتماعية والبيئية.
والاستعداد في الخبرات والقدرات بسعة القاموس اللغوي لديه، وفهمه للمعاني، ولغة
الحديث وقدرته على التمييز بين الكلمات المتشابهة، التذوق، الرغبة. وكلها قضايا تتطلب مراعاتها بحذر وبعلمية وواقعية.
وللقراءة مهارتان
أساسيتان هما: التعرف، والفهم.
والمهارات الأساسية
هي:
1 – ربط المعنى
المناسب بالرمز (الحرف) الكتابي .
2 – التعرف إلى أجزاء
الكلمات من خلال القدرة على التحليل البصري.
3 – التمييز بين أسماء
الحروف وأصواتها.
4 – ربط الصوت بالرمز
المكتوب.
5 – التعرف إلى معاني
الكلمات من خلال السياقات.
وللقراءة دلالات متعددة, وقد نتج هذا التعدد من
تعدد المستويات المطلوبة من مهارة القراءة, ومن ذلك:
فقد عرفت على أنها
عملية آلية ميكانيكية, تهدف إلى التعرف على الحروف وربطها ومن ثم نطقها, حيث يتم
التركيز على تنمية قدرات الطفل"على قراءة الكلمات وتقطيعها وتحليلها، ومعرفة
الحروف وأصواتها، والانتقال من كلمة إلى أخرى، ومن سطر إلى آخر. وهذه مرحلة خاصة
بالمتدئين.
- ثم دعت الحاجة إلى ضرورة ربط الرمز بمدلوله أي
فهم ما يقرأ، وهذه مرحلة تالية للمرحلة الأولى.
- ثم دخول عنصر الفهم ليبدأ التداخل بين عدة
جوانب, لأن الفهوم تتعدد.
- ثم ترتقي إلى أن
تكون: " عملية عقلية معقدة غاية التعقيد, يدخل فيها من العمليات العقلية, ما
يدخل في غيرها من العمليات الأخرى, كالعلوم الرياضية والهندسية وغيرها, ومن ثم
فلابد فيها من عنصر الفهم",
- ثم إلى حل المشكلات
المتنوعة بالقراءة ومن خلالها, وضرورة ممارستها للتكيف مع وضعيات اجتماعية مختلفة.
- ثم إلى وسيلة من وسائل
الترفيه والاستمتاع حيث لجأ كثير من الناس إلى الكتاب ليحقق لهم ذلك الإمتاع.
أهداف تعليم القراءة:
- هدف تشخيصي: يمكّن
المعلم من وضع يده على مواطن الضعف ومعالجته.
- هدف نفسي: تعزيز
الشعور بالثقة في النفس بأداء القراءة الجهرية التي يخاطب بها المتعلم معلمه
وزملاءه، مما ينمي شخصيته المستقبلية بشكل إيجابي.
- هدف اجتماعي: ينمي
تواصله مع الجماعة وتعامله معها.
وتهدف
القراءة في المراحل الأولى من التعليم الابتدائي باعتبارها وحدة متماسكة
للكلام(التعبير الشفوي) والقراءة والكتابة إلى التالي:
- "القدرة على القراءة
الإجمالية.
- النطق الصحيح
للأصوات والحروف.
- .إدراك حدود الكلمات
والجمل.
- إدراك الجمل المعبرة عن دلالة الصورة.
- إدراك شكل الحرف والنطق به حسب موقعه في
الكلمة.
- وصل الأصوات بعضها ببعض.
- تمكين التلميذ من معرفة الأصوات المتصلة
بالحرف، بحركاته البسيطة والطويلة، وصحة نطقها.
- التمييز السريع بين الحروف المتشابهة
شكلا،المختلفة لفظا.
- قراءة نصوص قصيرة، قراءة متصلة.
- القراءة باحترام علامات الترقيم البسيطة.
- فهم معنى المقروء.
- الإجابة عن أسئلة تتصل بمضمون النص."
- اكتساب عادات التعرف البصري كالتعرف على
الكلمة من شكلها والتعرف على الكلمة من تحليل بنيتها وفهم مدلولها.
الصعوبات المتوقعة، التي قد يواجهها الطلاب. وفي هذه المرحلة ترتبط بما
يلي:
صعوبات القراءة
المرتبطة بتعلم الأصوات خاصة في القراءة الجهرية.
ومن الصعوبات المتوقعة
ما يتعلق بالتمييز بين الحركات الطويلة والقصيرة، وكذلك الحروف التي ترد أحياناً
صوائت وأخرى صوامت ." وغيرها من صعوبات أخرى ينبغي ترصدها ومعالجتها عند الضرورة.
وفي مستوى آخر فإن التلميذ يكون قادرا على قراءة وفهم الحروف، الجمل،
الكلمات والنصوص القصيرة،
من أجل تحقيق ذلك حددت
أهداف عامة للغة العربية ومنها اشتقت الكفاءات القاعدية المستهدفة للمادة ونبدأ
أنواع القراءة:
عرفت مهارة القراءة
عدة أنواع هي: القراءة المكثفة. والقراءة الموسعة.
فالقراءة المكثفة، تنمي قدرات الطالب على
الفهم التفصيلي لما يقرؤه، وتنمية قدرته على القراءة الجهرية، وإجادة نطق الأصوات
والكلمات، وكذلك السرعة، وفهم معاني الكلمات والتعبيرات .
أما القراءة الموسعة فتعتمد على قراءة نصوص
طويلة, ويطالعها الطالب خارج الصف بتوجيه من المعلم، وتناقش أهم أفكارها داخل
الصف، لتعميق الفهم ؛ وبذا تأخذ القراءة الموسعة بيد الطالب، ليعتمد على نفسه في
اختيار ما يريد من كتب عربية، تقع داخل دائرة اهتمامه. ولكي تصل بطلابك إلى بناء
مهارات سليمة للقراءة، اعتنِ بالقراءة الجهرية، بحيث ينبغي أن يحاكي التلاميذ
نموذجاً مثاليّاً، قد يكون بصوت المعلم، أو من شريط (إن وجد) . درِّب التلاميذ على
النطق الصحيح، وعالج المشكلات الصوتية حالما تظهر لديهم، ويجب أن تراعي الأداء
المعبر، ووجّه انتباههم إلى خطأ القراءة ذات الوتيرة الواحدة، التي لا تضع المعاني
في اعتبارها، ، وشجع الطلاب بعد فهمهم للجمل أو النصوص على القراءة السريعة. لأن
الفرق بين القراءتين الصامتة والجهرية, هو أن القراءة الصامتة يوجه المعلم الطلاب
إلى أن يقرؤوا بأعينهم فقط، ثم يناقشهم للوصول إلى معاني المفردات، والفهم العام
(والفهم الضمني في المرحلة المتقدمة). أما الجهرية، فيبدأ فيها الطلاب بعد أن يكون
قد وضح لديهم الهدف الذي يدفعهم إلى القراءة الجهرية، كالإجابة عن سؤال، أو حل
مشكلة .الخ
لذلك قسمت
القراءة إلى عدة أنواع بناء على عدة اعتبارات.
- فبحسب الشكل أو طريقة الأداء أو المقام قسمت
إلى: جهرية وصامتة.
- وبحسب الغرض: إلى
قراءة للدرس وثانية للاستمتاع وثالثة لحل المشكلات.
- ومن حيث مستويات
القراءة إلى: سطحية ومعمقة.
- وبحسب مستويات
القدرات العقلية (قراءة معرفية، فهمية، تحليلية، تركيبية، ناقدة)"
- و"حسب كفاءة القارئ, فتكون بالتهجي أي
انطلاقا من الحروف عندما يكون المتعلم مبتدئا أو إجمالية تنطلق من وحدات دالة:
كلمات أو تراكيب عندما يكون المتعلم متقدما في هذه المهارة كل بحسب مستواه. إلى غير ذلك من التقسيمات الأخرى التي تزيد أو
تنقص بحسب الدافع للقراءة.
أولا: القراءة الصامتة:
هي النظر إلى ما هو مكتوب للتعرف عليه
وإدراك معناه، من خلال تحديد الحروف بواسطة البصر أو اللمس في قراءة المكفوفين. أو
هي ترجمة الرموز المكتوبة إلى حروف ومنها إلى كلمات، يفهمها القارئ دون أن يجهر
بنطقها، فهي ذهنية أو"هي عملية نطق بالعقل لا باللسان".
مميزاتها: يعرف هذا النوع جملة من المميزات
فهي:
- تسمح للذهن بأن
ينشغل بالمعاني وتحليلها، وفهم الأفكار واستيعاب المضمون،.
- وهي توفر جوا من
الهدوء يساعد على استيعاب المعاني وترسيخها وسريتها.
- فهي توفر الكثير من
الجهد، الوقت، الهدوء، وتعلم القارئ الاعتماد على النفس في الفهم.
- تيسر الحصول على
المعارف، وتزود المتعلم بالخبرات وتزيد من حصيلته اللغوية والفكرية.
ولا يظهر الاهتمام بالقراءة الصامتة إلا في
السنوات الثلاث الأخيرة.
عوامل نجاح القراءة
الصامتة:
النجاح في القراءة الصامتة هدف تعليمي،
تحقيقه مقصور على اختيار طريقة مناسبة للمواقف التعليمية المختلفة المتعلقة بتعليم
القراءة الصامتة، والمعلم الإيجابي هو الذي يدرك ذلك ويسعى إلى تحقيقه، باعتماده
على الطرق الحديثة والأساليب الناجحة المبنية على حسن التخطيط ، ودراسة النتائج
والتقويم الجيد، بعيدا عن الارتجالية والتشتت، ومن بين عوامل نجاح القراءة الصامتة:
ثانيا: القراءة
الجهرية
وتختلف عن الصامتة في أمر واحد, هو الصوت ومن
ثم استخدام جهاز النطق ف"القراءة المجهورة هي أن يعطي القارئ النص المكتوب
الذي أمام عينيه، أو الذي حفظه، صورة صوتية، ويكون التواصل في غالب الأحيان
جماعيا"
شكل مكتوب - شكل صوتي -
معنى"
وفي القراءة الجهرية تقرأ أولا ثم تفهم، ولا
تستطيع أن تفهم قبل أن تقرأ. وذلك لأننا نرسل النص المكتوب بصوت مرتفع، وذلك بعد
التعرف عليها، ثم تحويلها إلى أصوات. أي: ترجمة الرسوم المكتوبة إلى ألفاظ منطوقة،
مفهومة من القارئ بمراعاة صحة النطق، وقواعد اللغة. لذلك فهو عبارة عن: شكل مكتوب - شكل صوتي- معنى". لذلك "في السنوات الأولى من
المدرسة الابتدائية تكون معظم القراءة جهرية, وبعض المختصين يرون ضرورة أن تكون
القراءة مزيجا من القراءة الجهرية والصامتة، مع قراءة جهرية سائدة في سنوات
المدرسة الأولى، وقراءة صامتة تدريجيا تحتل معظم المنهج وبخاصة في الصفوف الأخيرة
"
ومن أهم مميزات:
- رؤية الكلمات
المكتوبة أو المطبوعة: وهذه مهمة البصر والجهاز العصبي.
- النطق بهذه الرموز
المكتوبة أو المطبوعة: وهذه مهمة جهاز النطق وحاسة السمع.
- إدراك المتعلم لمعنى
الكلمات منفردة ومجتمعة والتمييز بينها.
- انفعال المتعلم ومدى
تأثره بما يقرأ"
فهي التي تظهر قدرة القارئ، وتمكنه من مفاتيح
المقروء، وهي أحد المنافذ التعليمية فمن خلالها يتدرب المتعلم على جودة الإلقاء،
وتمثيل المعنى نبرا وتنغيما، فيشخص المعلم بذلك مواطن الضعف، وعيوب النطق، وأمراض
الكلام، ويتعرف على أخطاء تلاميذه ويصححها،ويتمكن من اختبار طاقتهم، ودقتهم في
القراءة، فيسهل عليه التقويم والعلاج .
وبممارستها المستمرة يتعود المتعلم على
الشجاعة في مواجهة السامعين وينمو لديه شعور الثقة بالنفس من خلال حسن الإلقاء،
ويبتعد عن الخجل شيئا فشيئا، لذلك هي تتطلب طاقة كبيرة لعمل أجهزة النطق والتفكير والسمع والبصر، وباستخدامهما تزيد متعة المتعلم خاصة
إذا كان المقروء شعرا أو نثرا أو قصة أو حوارا عميقا... ينمي التواصل الجماعي
الممتع بين القارئ والمستمع"فللقراءة الجهرية قيمة اجتماعية وثقافية وتربوية،
فهي وسيلة لإنماء روح المناقشة في الجماعة ... والأطفال يجدون متعة حين يقرؤون
بصوت مرتفع أمام المدرس". كما تساعدهم على الربط بين الألفاظ المسموعة في
الحياة اليومية، والرموز المكتوبة، وتعودهم احترام علامات الترقيم والقواعد
النحوية، وقواعد الانسجام الصوتي، مما يساعد ويسهل تحقيق أهداف الاستماع البناء،
في حصص النصوص الأدبية ودروس القواعد الإملائية والنحوية...
عوامل نجاحها : تهدف
القراءة الجهرية إلى سلامة النطق وحسن الأداء مع الفهم، ولكي تحقق هدفها يجب:
- أن يهتم المعلم بتوجيه تلاميذه على المحاكاة
ومراعاة قواعد اللغة لأن لغته " تحتل مكان لغة الوالدين، ومن ثم يجب أن يكون
المعلم ذا قصد في لغته، وأن يكون لها معنى، كما يفعل الأب مع ابنه"
- البدء بالمميزين عند
القراءة لإعطاء النموذج لغيرهم ممن هم أقل منهم مستوى.
- شرح بعض المفردات
والتراكيب الصعبة إن وجدت قبل بداية القراءة.
- عدم مقاطعة القارئ وإن أخطأ لتدريبه على
الاسترسال، بشرط أن لا يخل الخطأ بالمعنى، أو يفسده خاصة في النصوص الشرعية
واعتماد التصحيح الذاتي المنظم، ولا يصحح المعلم إلا إذا عجز المتعلمون عن ذلك.
- يكون التصحيح بشرح القاعدة الإملائية أو
النحوية، حتى لا يتكرر الخطأ
- مفاجأة التلميذ بالقراءة لضمان المتابعة
وعدم الشرود بالذهن .
- تنويع الأنشطة المتعلقة بالقراءة ومزج فنون
اللغة،كالنحو،المفردات،البلاغة،العروض دون مبالغة حتى لا تتحول حصة القراءة إلى
نشاط آخر.
ويربط حسني عبد الباري عصر بين القراءة
والنظرية السلوكية حيث يرى أن القراءة عملية استجابة أورد فعل لمثير وهو المكتوب
فالكاتب مثير للقارئ "بكل ما يكتبه من كلمات وجمل وتراكيب وعبارات وفقرات
يشحنها بما يودّه من معان وأفكار وتصورات"وعبّر على شكل
الاستجابة بحركة العين على السطور،في راحة أو تقطيب الحاجبين، ثم نطق الأصوات
المعبرة عن الرموز بصوت معين تأثر بما يقرأ، والتكيف الجسمي والانفعالي مع المادة
المقروءة والاستغراق فيها والتفاعل معها كرفع اليد أو الوقوف بعد أن كان جالسا
وحركة الجسم، ويجعل من القراءة استجابة متعلمة لا استجابة شرطية، بحيث تعدّ
للقراءة برامج ومحتويات وطرائق تناسب طبيعة القراءة ودافعية المتعلمين وبرامج
التعزيز؛ يتعلم الطفل نبر الصوت ودور علامات الترقيم ثم يوظفها باستجابته عند
رؤيتها
مهارة الكتابة
تأتي مهارة الكتابة متأخرة بحسب ترتيبها بين
بقية المهارات؛ فهي تأتي بعد مهارة القراءة, لأنها ترتبط بها. ومهارة الكتابة على
ثلاثة أنواع هي: الرسم الهجائي أولا, والخط ثانيا, والتعبير الكتابي ثالثا. وهذه
تمثل المستويات التعليمية بالتدرج.
ونشير هنا إلى أن الكتابة عملية ذات شقين؛
أحدهما آلي، والآخر عقلي. والشق الآلي يحتوي على المهارات الآلية (الحرّكية)
الخاصة برسم حروف اللغة العربية، ومعرفة التهجئة، والترقيم في العربية, أي النواحي
الشكلية الثابتة في لغة الكتابة؛ مثل رسم الحروف وأشكالها، والحروف التي يتصل
بعضها ببعض، وتلك التي تتصل بحروف سابقة لها، ولا تتصل بحروف لاحقة. وعلامات
الترقيم، ورسم الحركات فوق الحرف أو تحته، أو في نهايته، ورسم أو عدم رسم همزات
القطع والوصل. وهذه العناصر وإن كان بعضها لا يمس جوهر اللغة كثيراً، إلا أنها
مهمة في إخراج الشكل العام لما يكتب، وقد يحدث إسقاطها-أحياناً- لبساً، أو غموضاً
في المعنى. عند عرض مهارة الكتابة، ينبغي البدء بالجانب الآلي تدريجياً، ثم التوسع
رويداً رويداً، وذلك لمساعدة الطلاب على تعرف الشكل المكتوب للكلمة العربية. أما الجانب العقلي، فيتطلب المعرفة الجيدة
بالنحو، والمفردات، واستخدام اللغة وهي مرحلة لا شك متأخرة عن الأولى.
والمتأمل في دائرة التواصل البشري يلاحظ أن
عملية التواصل اللغوي تتم بطريقتين: شفوية وكتابية, وهذه الأخيرة لا تقل أهمية عن
الأولى، بل أصبحت اللغة المكتوبة تؤدي معظم مهام الحياة اليومية إن لم نقل كلها،
فمختلف الجرائد والمجلات, والكتب على أنواعها, والرسائل الشخصية والإداري,
واتصالات الانترنيت, وما إليها من أمثلة أخرى دليل كاف على ما نقصده, ومن هنا
ينطلق الاهتمام بالخط وإجادة التعبير به وتأدية الغرض من خلاله, وما ورود قوله
تعالى:" ن والقلم وما
يسطرون".(القلم الآية:1), إلا تحقيقا لهذا المعنى ولغيره من الدلالات الأخرى.
وكتب الشيء لغة، يكتبه كتبا وكتابا وكتابة
وكتَّبه(بشد التاء) خطه ونسخه، والكتاب اسم لما كتب مجموعا. وأما المفاهيم
الاصطلاحية فكثيرة منها: "قدرة على تصور الأفكار، وعملية تصويرها في حروف
وكلمات وجمل وفقرات صحيحة النحو، متنوعة الأسلوب، متناسقة الشكل، جميلة المظهر،
تعرض فيها الأفكار في وضوح، وتعالج في تتبع وتدقيق، ثم تنقيح على نحو يؤدي إلى
مزيد من الضبط والإحكام وتعميق
التفكير" ويميز هذا التعريف بين مستويين للكتابة:
- مستوى ظاهري يهتم بالخط والتهجي وتنظيم الجمل
والفقرات والتهميش والترقيم. ومن ذلك: حمل التلميذ على اتباع القواعد والصفات
الخاصة بكل حرف،من حيث حجمه،وكيفية اتصاله بغيره،وامتلاء الأجزاء أورقتها، وميلها
واستقامتها، وطولها وقصرها وغير ذلك من الأصول الفنية"، أي تمكن المتعلم
من الكتابة بسرعة معقولة في وقت معقول بخط واضح تسهل قراءته، وذلك بتمرين اليد
والأعصاب الحركية فيها التي تمكنه من رسم الحرف رسما ييسر فهمه، وكتابة كلمات
موافقة للقواعد الإملائية وتكوين العبارات والجمل والفقرات المعبرة
- ومستوى باطن يهتم
بالمحتوى وبناء الأفكار، ومنه فهي قدرة ومهارات:عقلية وجسمية وحس حركية، ويختلف في
أسبقية تعليم المستوى الأول أم الثاني أثناء تعليم الكتابة، وما هو مناسب أكثر لسن
وقدرات الطفل.
ولا شك أن الإنسان هو الذي اخترع الكتابة كلّها
وطوّرها, ففي البداية عبر الناس عن حاجاتهم بالأصوات فكانت وسيلتهم للتواصل مع
الآخرين، ومع تطور الحياة البشرية الاجتماعية وفرض الاستقرار بعد حياة البدو
والترحاب، احتاج الإنسان لنقل أفكاره لغيره ممن يبعدون عنه مكانا وزمانا، فتوصل
إلى الكتابة، بغض الطرف عن كونها توقيف أم اصطلاح فإنها مرت بمراحل حتى وصلت إلى
الشكل الذي هي عليه اليوم، لذلك فهي: "اتفاق إنساني على تثبيت الأصوات في
صورة منقوشة، تضمن لها البقاء والدوام أطول فترة ممكنة، لأغراض محددة في كل مجتمع
إنساني" وبأنها:"حروف أو رموز مرسومة تصور ألفاظا دالة على المعاني التي
قصدها الكاتب من النص المكتوب" ومن ثم ليس هناك من وسيلة لاكتسابها إلا عن
طريق التعليم والتدريب. وإذا كان لكل لغة ظواهر تميز كتابتها, فمن أهم ظواهر اللغة
العربية، التي ينصح المربون ويوليها المعلم أهمية عند تدريبه الطلاب ضرورة التركيز
على الجانب الآلي من الكتابة ومن ذلك: الضبط بالشكل (أي وضع الحركات القصيرة على
الحروف) وتجريد الحرف، والمد، والتنوين، والشدة، و(ال) الشمسية، و(ال) القمرية،
والتاء المبسوطة والمربوطة، والحروف التي تكتب ولا تنطق، والحروف التي تنطق ولا
تكتب، والهمزات.
أهداف تعليم الكتابة
01- الكتابة وسيلة لتخليد التراث الإنساني،
استخدمها الفكر لتدوين العلوم وتطويرها ونقلها عبر التاريخ، والأهم من ذلك أنها
وسيلة التعليم في جميع التخصصات، ولا يمكن فصلها عن القراءة فهما وجهان لعملة
واحدة هي اللغة، بحيث لا يمكن للمتعلم أن يكتسب مهارات نظرية عن طريق ملاحظة
الأشياء وإجراء التجارب عليها فقط دون تسجيلها وحفظها.
02- التدريب على مهارات الاتصال اللغوي
الكتابي السليم, الذي أصبح يشمل جميع مظاهر الحياة وشؤونها, والالتزام بشروطها,
وهي الوضوح والسرعة والترتيب"
ومن المفيد الذي يراه المربون مناسبا
وضروريا لسلوك منهجية صائبة تفيد المتعلم أكثر هو أن يبدأ تعليم الكتابة من خلال
المواد اللغوية، التي سبق للطالب أن استمع إليها، أو قرأها. ومن المفيد في هذا
الصدد أن يقوم تنظيم المادة، ويتناسب محتواها مع ما في ذهن الطالب. فعندما يشعر
الطالب أن ما سمعه، أو قرأه، أو قاله، يستطيع كتابته، فإن ذلك يعطيه دافعاً أكبر
للتعلم والتقدم. والتدرج أمر مهم في تعليم المهارات الكتابية للطالب؛ فمن الأفضل
أن يبدأ الطالب بنسخ بعض الحروف، ثم ينسخ بعض الكلمات، ثم كتابة جمل قصيرة.
أهداف تعليم الكتابة في المراحل الأولى:
- هيئة حسنة وجلسة معتدلة، ووضع سليم لليد
والذراع.
- وضع سليم صحيح
للأدوات المستعملة، كالقلم والكراسة والكتاب
- نظافة الكتابة
وتنظيم السطور والجمل
- مسك القلم بطريقة جيدة صحيحة تناسب الكتابة السوية المقروءة.
- رسم خطوط متنوعة
(عمودي, أفقي, مائل, منحني) تدريبا له على حسن التصرف.
- كتابة الحروف منفردة
إتقانا لها وحدها قبل ربطها بغيرها لإعطاء كل حرف حقه.
- كتابة الحروف متصلة ضمن كلمات بسيطة قصيرة.
- تمييز الحروف عن
بعضها البعض ورسمها رسما صحيحا.
- الكتابة على السطر
واحترام أوضاع الحروف واتجاهاتها.
- كتابة الحروف بتناسق
وتناسب بين الأحجام والمسافات.
- ترك مسافة بين
الكلمات وإعطاء كل حرف الاتساع اللازم .
- الدقة في الميل
والانحدار في الحروف.
- تخطيط مريح للسطور
والكلمات والحروف.
- كتابة الحرف في حجم
مناسب .
- حرية الحركة أثناء
الكتابة.
لأن المطلوب هو:
الكتابة الصحيحة وحسن الخط ليكون مقروءا وتنظيم الخط بالطريقة المناسبة. وقد لخص
الباحثون أهداف تعليم الخط في أمور ثلاثة هي:الوضوح، السرعة، الجمال"
ومن أساليب تعليم الخط ما يلي:
- نسخ كلمات وجمل
قصيرة مع مراعاة المسافات الفاصلة فيما بينها. بل ونسخ دروس كاملة عندما يتعلق
الأمر بمرحلة أعلى مستوى.
- ترتيب عناصر الجملة
ترتيبا صحيحا.
- إبدال كلمات بأخرى
مناسبة للمعنى.
- ملء فراغات بكلمات
مناسبة.
- كتابة جملة انطلاقا
من مدلول صورة. أو إنشاء موضوع قصير قريب من حياة المتعلم.
- الإجابة عن سؤال
إجابة كاملة انطلاقا من عناصر السؤال.
- شطب كلمة غير مناسبة
في الجملة.
- كتابة جمل قصيرة
مترابطة حول موضوع واحد أو شريط مصور.
وفي آخر حديثنا عن مهارتي: القراءة
والكتابة يمكن تلخيص الأهداف العامة المشتركة بينهما باعتبارهما متلازمتين فمن
يكتب يقرأ ومن يقرأ يكتب لا محالة:
- تحقيق قراءة نصوص قصيرة مسترسلة ومعبرة
بمراعاة علامات الوقف.
- فهم النصوص والآثار
التي يقرأها، والإجابة عن الأسئلة التي تطرح عليه.
- احترام قواعد
الإملاء وضبط الكلمات .
- فهم المكتوب من خلال
الرسم الإملائي والخطي .
- التمييز بين الأصوات
والحروف العربية نطقا ورسما"
- القراءة الصحيحة
والنطق السليم.
- القراءة المسترسلة ومراعاة علامات الوقف
والترقيم .
- التمييز بين
الإيقاعات المختلفة لأساليب التعجب والاستفهام والنهي والأمر.الخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق