السبت، 7 نوفمبر 2015

لحكومة المصرية وظواهر التطور الديمقراطي 2015

الحكومة المصرية 
وظواهر التطور الديمقراطي
2015
                                                                                                         م/ ق ناصر حسن
                                                                                                           المركز العربى الافريقى – مصر

أن أحد ظواهر التطور الديمقراطي كان انتزاع اختصاصات للوزارة مستقلة عن رئيس الدولة.
فكان نص المادة (141) يوازن السلطات الأخرى المتاحة لرئيس الجمهورية بدستور 2012 مثل ما ورد فى المادة (146) عن سلطته فى حل مجلس النواب عند الاختلاف على تعيين رئيس الوزراء مرتين متتاليتين، ومثل المساهمة فى اختيار وزراء السيادة، كوزارتَى الدفاع والداخلية.
كان رئيس الجمهورية فى الدستور المعطل (2012)، وقد ظل فى دستور 2014، يتمتع بسلطات واسعة كرئيس للدولة ورئيس للسلطة التنفيذية. واختصاصاته بعضها ينفرد بها وحده فى مجال الأمن والدفاع والعلاقات الدولية وبعضها الآخر يمارسه من خلال الحكومة. ولكن كان منصب رئيس الجمهورية وفقًا لدستور 2012 متعاليًا عن أى نوع من المسئولية إلا إذا ارتكب الرئيس جناية أو جريمة الخيانة العظمى دون تحديد لمفهوم هذه الأخيرة. أما المسئولية السياسية لرئيس الجمهورية فقد أعفاه منها الدستور السابق تماما، وهكذا أعاد هذا الدستور المعطل إنتاج نموذج الحاكم المطلق الذى لا يُسأل عما يفعل.
أما دستور 2014، فقد أضاف إلى حالات المسئولية الجنائية لرئيس الجمهورية حالة جديدة (من واقع خبرة مصر مع رئيسها السابق) وهى حالة انتهاك أحكام الدستور. على أن الأهم من ذلك هو المسئولية السياسية لرئيس الجمهورية التى تقررت فى مادة فريدة من نوعها فى المشروع الجديد، وهى المادة 161، حيث قررت أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية بإجراءات خاصة وأغلبية خاصة ثم يقرر الشعب فى الاستفتاء إما سحب الثقة من الرئيس، فيخلو منصبه، وإما تأكيد الثقة فى الرئيس فيحل مجلس النواب.
 فحتى عام 2007 ،كان الدستور ينص على أن رئيس الجمهورية هو الذى يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء،وبعد التعديلات الدستورية 2007 أضيف نص "بعد أخذ رأي رئيس الوزراء"، ولكن ظل مركز السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية، أما الوزارة، فلها اختصاصات منفصلة لكنها تقوم بتلك الاختصاصات تحت جناح الرئيس.
يعكف النظام السياسي المصري على الحديث عن ازدواجية السلطة التنفيذية، ما بين رئيس الدولة والوزارة مع ترجيح كامل لسلطة رئيس الدولة إزاء الوزارة ولعل دستور 2014 قد أبقى على صلاحيات موسعة للرئيس ليكون النظام شبه رئاسى وليس نظاما برلمانيـا
ومن ذلك أن رئيس الجمهورية، يضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها (150)، و"يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب" (151)، و"يعين الموظفين المدنيين، والعسكريين، والممثلين السياسيين، ويعفيهم من مناصبهم، ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية، وفقا للقانون" (153)، و"يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه" (154). و"يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه" (216).
  و"يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، عُدّ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل" (146).كما يحق "لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس (147).
يلاحظ أن من أحكام الدستور التفصيلية تلك ، ما يقيد سلطات رئيس الجمهورية بشأنها وبما لا يمكّنه من الانفراد بها. وإن تقييد العديد من سلطات رئيس الجمهورية يجعلها تمارس منه من خلال الوزارة، ولا يفيد ذلك إشراك الوزارة معه فى هذه السلطات فقط ، ولكنه يخضع هذه الأعمال للسلطة الرقابية للمجلس النيابى من خلال مسئولية الوزارة أمام البرلمان وحق سلطة البرلمان فى مساءلة الوزراء[1].
ملاحظات عامة على تشكيل الوزارات وأدائها بعد 30 يونيو:
أن هناك مشكلات استحدثت فى هذه المرحلة كان على الوزارات التعامل معها كتأمين الشارع ، والتعامل مع إمدادات الطاقة خاصة وأنها أزمات عانت منها حكومة هشام قنديل قبيل قيام تظاهرات 30 يونيو، بالإضافة إلى المطالب الفئوية، الأمر الذى دفع رئيس الوزراء حازم الببلاوى –الذى تولى الوزارة قبل المهندس إبراهيم محلب فى وزارته الأولى- إلى التقدم باستقالته بعد زيادة حدة تلك المطالب واتساع نطاقها بين مختلف القطاعات العمالية.
عودة القيمة الاجتماعية التي تميز المنصب الوزاري مقارنة بتلك القيمة قبل بيان 3 يوليو. فعلى سبيل المثال ، منع الاعتصام أمام مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى من الدخول إلى مقر عمله فى 2011/2012، بينما تراجعت هذه المظاهر إلى حد كبير نظرا لانخفاض أعداد المشاركين فى التظاهرات، بالإضافة إلى التأييد والشرعية التى استند عليها نظام 3 يوليو فى البداية ، مما أسس لاحترام خطوات خارطة المستقبل التى تم الاتفاق عليها ، والتى اندرج تحتها المنصب الوزارى ، وإن كان هذا فى بداية مرحلة ما بعد 3 يوليو، إلا أنه بدأ يتراجع مرة أخرى مع فشل وزارة الببلاوى وتراجع شعبية وزارة محلب بسبب عجزها عن مواجهة التحديات التى واجهتها .
أن الوزارات جمعت بين وزراء غير متجانسين فكرياً، وهو ما اعتادته الوزارات منذ ثورة 25 يناير ،والذى لم يكن معمولا به قبلها ،حيث كان معهوداً انتماء أغلب الوزراء للحزب الحاكم، أو أن يكون الوزراء غير منتمين سياسيا أو فكريا لأي حزب، الأمر الذى انعكس أحيانا على عدم التجانس بين تصريحات بعض الوزراء أو وجود فجوة بين التصريحات وبين الأداء كما سيلى ذكره.
حكومتى 2015
أولا: وزارة محلب الثانية:
رغم أن التقرير يغطى أداء الحكومة فى 2015، إلا أن هذا لا ينفصل عن تشكيل الوزارة وانتظامها فى 2014، خاصة وأن وزارة محلب الثانية قد تم تشكيلها فى 17 يونيو 2014، واستمرت حتى 12 سبتمبر 2015، عندما قامت بتقديم استقالتها ووضعتها تحت تصرف رئيس الجمهورية الذى أعلن قبول الاستقالة ،وكلفها بتسيير الأعمال لمدة أسبوع لحين الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس/ شريف إسماعيل.
   وجدير بالذكر أن حكومة محلب الأولى قد قدمت استقالتها مع إعلان فوز الرئيس السيسى بالانتخابات الرئاسية ،وتضمن خطاب الاستقالة كشف حساب عن أداء الحكومة في الـ100 يوم التي تولت فيها المسئولية، سواء فيما يتعلق بدورها في إنجاز الاستحقاق الثاني من خارطة المستقبل، أو من خلال انخراطها في السعي لمعالجة المشكلات على أرض الواقع، عبر المتابعة الميدانية التي أسهمت في بث عددٍ من الرسائل الإيجابية إلى الشارع. وهو ما انعكس على استمرار 21 وزيرًا، واقتصار الاختيار على 13 وزيرًا جديدًا فقط ليصبح إجمالي الحقائب 34 حقيبة وزارية. وبرغم محدودية التغيير مقارنة بحجم التوقعات المجتمعية في حدوث تغيير شامل في حكومة محلب الثانية؛ فإنه يعكس العديد من الدلالات التي يمكن إبرازها في التالي[1]:
ارتكزت مصادر التجنيد السياسي لأعضاء الحكومة على نفس الخلفيات التي وسمت حكومات ما بعد الثورة، وهي الاعتماد على مصدرين رئيسيين هما: أساتذة الجامعات، والتكنوقراط–باستثناء منير فخرى عبد النور وزير الصناعة. وفي حين جاء أغلب أعضاء الحكومة من داخل الوزارات التي كانوا يشغلون
على أربع حقائب فقط هي، وزارات: الدفاع، والداخلية، والإنتاج الحربي، والتنمية المحلية. يُضاف إلى ذلك غياب تولي الشخصيات الحزبية لأي حقائب وزارية، وربما يرجع ذلك إلى محاولة رئيس الوزراء تجنب الصراعات السياسية والفكرية، وبما يتلاءم مع ظروف المرحلة التي تحتاج إلى توفير بيئة سياسية محفزة على الإنجاز، لا سيما أن أحد أبرز مهام الحكومة هو تهيئة السياق المواتي لإجراء الانتخابات البرلمانية–كان مزمع أن تجرى فى فبراير 2015- بما يتطلب نوعًا من الحيادية، والوقوف على مسافة متساوية من كل القوى السياسية التي ستخوض المنافسة الانتخابية.
ارتفاع متوسط الأعمار لوزارة محلب الثانية لتكون 59 عاما ، الأمر الذى وجه العديد من الانتقادات للحكومة بسبب تجاهلها للشباب ، حيث جاءت شريحة الستين إلى السبعين  لينتمي لها أكبر عدد من الوزراء المقدر بـ 18 وزيرا بينهم رئيس الوزراء نفسه، ثمشريحة ما بين الخمسين والستين، وينتمي لها 11 وزيرا ، أبرزهم الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، 59 عاما، ثمشريحة ما بين الأربعين والخمسين، وينتمي إليها 4 وزراء هم وزير الأوقاف  ، ووزير الإسكان ، ووزير الاستثمار، ووزيرة التعاون الدولي . أما شريحة ما فوق السبعين، ينتمي لها وزيران هما وزير الثقافة، ووزير الزراعة
أجرت الوزارة بعض التغييرات الهيكلية باستحداث بعض الوزارات كوزارة الدولة للتطوير الحضرى والعشوائى يكون من ضمن مهامها تطوير العشوائيات والتى كان يرأسها ليلى راشد اسكندر التى تم تغيير حقيبتها من البيئة للتطوير الحضرى ،كما تم ضم الصناعات الصغيرة للصناعة والتجارة التى شغلها منير فخرى عبد النور ، كما تم تقسيم التنمية الإدارية على عدة جهات منها مجلس الوزراء والتخطيط، وكذلك تم فصل الاستثمار عن الصناعة والتجارة وإعادة فصل التعاون الدولى عن التخطيط ، والبحث العلمى عن التعليم العالى،  بالإضافة إلى إلغاء وزارة الإعلام. كما جاء تشكيل الحكومة خاليا من تعيين نواب لرئيس الوزراء على عكس ما كان متوقعا، وجاء ضمن التشكيل تعيين نائب لوزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفنى.
لم يأت التشكيل جديدا بالمعنى الكامل ، حيث تم الإبقاء على 21 وزيرا من الوزارة السابقة ، وتغيير 13 وزير أبرزهم وزير الخارجية هو السفير سامح شكرى خلفا للسفير نبيل فهمى ، فى اختلاف عن الوزارة السابقة التى انفرد فيها رئيس الدولة –المؤقت- بتعيين وزراء الوزارات السيادية. وقد يأتى هذا الأمر نتيجة لطبيعة المرحلة التى مر بها النظام والتى تحتاج لرؤية جديدة تتعلق بصورة مصر فى الخارج ، وهو ما انعكس فى أكثر من مناسبة مثل مشاركة مصر فى التحالف الدولى ضد "داعش" ، وزيارة الرئيس السيسى لنيويورك لإلقاء كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، واستضافة مصر لمؤتمر إعادة إعمار غزة، وصولا إلى حصول مصر على مقعد غير دائم بمجلس الأمن. كما قد يعكس هذا الأمر الرغبة فى تدشين مرحلة جديدة للنظام السياسى تقوم على التوازن بين مكونى السلطة التنفيذية مقارنة بالمرحلة الانتقالية التى بدأت منذ بيان 3 يوليو وحتى انتخاب رئيس الدولة.
تأتى خلفية رئيس الوزراء كخلفية هندسية عملية، لذا انعكس ذلك على أدائه كرجل أفعال، فجاء منهجه فى العمل ميدانيا، ينزل إلى الشارع ويحل المشكلات على الأرض. وتناسب ذلك مع طبيعة المهام الموكلة إلى الوزارة فى هذه المرحلة وهى اتخاذ القرارات وتسيير الإجراءات ، وليس التخطيط أو الرؤية. وانعكست هذه الآلية على وزراء حكومته بالنزول إلى الميدان مثل زيارة وزير الزراعة لمشروعات التنمية بمحافظة البحر الأحمر، وزيارة الوفد الوزارى برفقة رئيس الوزراء إلى محافظة قنا لتفقد المشروعات الخدمية بالمحافظة[1].
يلاحظ ازدياد العناصر التى عملت فى عهد مبارك، مثل رئيس الوزراء إبراهيم محلب، والذي كان أحد الشخصيات البارزة في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، كذلك السفير سامح شكرى الذي تولى حقيبة وزارة الخارجية، حيث عمل من قبل سكرتيرًا خاصًا للمعلومات بمكتب الرئيس مبارك بين عامي1995  و1999. أيضا الدكتور جابر عصفور ، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة فى وزارة فاروق حسنى ، ثم وزيرا للثقافة فى وزارة أحمد شفيق فى عهد مبارك ، وقت اندلاع ثورة يناير، إلا أنه عاد وقدم استقالته من منصبه يوم 9 فبراير لأسباب صحية[2]، ولما أحيل للمعاش عُين رئيسا للمركز القومى للترجمة.
غلبة الذكور على الإناث؛ برغم أن التشكيلة الجديدة ضمت 34 حقيبة وزارية، فإن تمثيل المرأة ظل كما كان في حكومة محلب الأولى عند مستوى أربع حقائب فقط، حيث شغلت 4 سيدات وزارات: التعاون الدولي، والقوى العاملة والهجرة، والتضامن الاجتماعي، والتطوير الحضري والعشوائيات. وهو ما اعتبره البعض إجحافًا بمسيرة المرأة، وحقها في التمثيل العادل والملائم داخل الحكومة الجديدة، لا سيما أنها شاركت بكثافة في الاستحقاقين الأول والثاني من خارطة المستقبل. وهو الأمر الذي دفع وقتها السفيرة ميرفت التلاوي -رئيسة المجلس القومي للمرأة- للتعبير عن صدمتها من تدني مستوى تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة[3] . وهو أمر غير مستحدث فى تشكيل مختلف الوزارات فى مصر سواء فى عهد مبارك أو فى الوزارات المتعاقبة منذ ثورة  يناير.
انطوى التشكيل الوزاري لحكومة محلب الثانية على الإبقاء على المجموعة الوزارية الاقتصادية، وهم وزراء: المالية والتخطيط، والصناعة والتجارة، وانضمام وزيري الاستثمار والتعاون الدولي إليهم بعد فصل الوزارتين. حيث تولت الدكتورة نجلاء الأهواني وزارة التعاون الدولي، والتي كانت تشغل منصب مستشار رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية. وهو ما يعني استمرارَ تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تبنتها حكومة محلب الأولى التي ترتبط بفرض أطر ضريبية جديدة تشمل ضريبة الـ5% على من يزيد دخله على مليون جنيه، بالإضافة إلى تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة، وتفعيل الضريبة العقارية، والاستعداد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى تخصيص مخصصات مالية أكبر للإنفاق على الصحة، والتعليم، والبحث العلمي، تماشيًا مع مواد الدستور.
واستمرت وزارة محلب الثانية مع مطلع عام 2015 بكامل هذاالتشكيل، إلى أن تعرضت لتعديل وزارى محدود فى مارس 2015 ،شمل ثمانية مناصب وزارية[4] كان أهمها وزارة الداخلية حيث تمت إقالة اللواء محمد إبراهيم وتعيين اللواء مجدي عبد الغفار خلفا له،وذلكفي الوقت الذي وصف فيه محلب هذه الخطوة بأنها تهدف إلى ضخ دماء جديدة[5].ورغم محدودية هذا التعديل، إلا أنه جاء بعد قرار تأجيل انتخابات مجلس النواب، إثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر، خاصة وأنه كان من المفترض إجراء تعديل وزاري واسع بعد الانتخابات البرلمانية، لكن تأجيلها دفع القيادة السياسية إلى إجراء تعديل مؤقت.وبتفحص هذا التعديل، كان هناك حرصا على اختيار وزراء تكنوقراط، على سبيل المثال وزيرة السكان–هالة محمد يوسف-كانت ترأس المجلس التخصصي للتنمية التابع لرئاسة الجمهورية، وهى التي وضعت استراتيجية السكان لمصر،كما أن وزير الداخلية الجديد كان متخصصاً في مكافحة التطرف أثناء عمله بجهاز أمن الدولة المنحل، وكان على دراية شديدة بنشاط جماعة الإخوان داخلياً وخارجياً.
ثم تصاعدت حالة السخط العام من أداء الحكومة ، خاصة بعد حادث اغتيال النائب العام هشام بركات فى يونيو الماضى، مع حلول الذكرى الثانية للاحتفال بثورة الثلاثين من يونيو، الأمر الذى مثّل ضربة قاصمة للقدرة الأمنية للحكومة على حماية رجال الدولة وتأمين الشارع ، علما بأن منصب النائب العام هو أرفع منصب حكومي يتم اغتياله منذ 3 يوليو 2013. وقد أثار تنفيذ عملية اغتيال النائب العام في ضاحية مصر الجديدة التي يفترض أن تكون أحد أكثر مناطق القاهرة تأمينًا، تساؤلات عديدة بشأن درجة التأمين ومدى كفاءة أجهزة الأمن في توفير الحماية لمسؤول رفيع كالنائب العام، لاسيما أنه يمثل خصمًا لدودًا للكثير من أنصار التيارات الإسلامية والجهادية بالنظر لدوره في القضايا المتهم فيها قيادات وعناصر هذه التيارات بما يجعله هدفًا للتصفية. وقد وجّه البعض أصابع الاتهام للأجهزة الأمنية بالتقصير في حماية وتأمين النائب العام من الاغتيال،لكن وزارة الداخلية نفت وجود أي تقصير أمني تسبَّب في نجاح عملية الاغتيال، وأكدت أن سيارة النائب العام كانت مصفَّحة، إلا أن كمية المتفجرات التي استُخدمت في العملية كانت ضخمة؛ ما سبَّب الكثير من الأضرار التي لحقت بالسيارة[6]. ولعل كان لهذا الحادث الكثير من النتائج كان أبرزها تعالى المطالبة بتغيير الوزارة أو إجراء تعديل وزارى لعجز الحكومة عن تأمين الشارع والإيفاء بوعودها فيما يتعلق بوضع الملف الأمنى على قائمة أولوياتها.
تلى ذلك الحادث ، فشل مجموعة الوزراء الاقتصادية في متابعة مشروعات دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد بمدينة شرم الشيخ في مارس[7]، بالإضافة إلى القصور في أداء وزراء حكومة محلب بعد فشلها فى السيطرة على الأسواق وإدارة شئون الدولة.  لذا جاءت المطالبات بتعديل أو تغييروزراء المجموعة الاقتصادية جميعا، ومعهم وزراء التموين والإسكان والتنمية المحلية، خاصة وأن جميع قرارات وتوصيات المؤتمر الاقتصادى ، لم يتحقق منها شئ ، ولم تعلن الحكومة عن مصير هذه القرارات.
واستمرت حكومة محلب دون تعديلات توزارية،إلى أن برزت مجموعة من القضايا التى أبرزت ضعف أداء بعض الوزارات مثل وزارة التعليم فى قضية طالبة "صفر الثانوية العامة"، ثم فضيحة "الفساد الكبرى" فى وزارة الزراعة، الأمر الذى أثار الجدل حول إجراء تعديل وزاري جديد فى أغسطس، ولكن جاء الاحتفالبافتتاح قناة السويس الجديدة سببالتأجيل التغيير.
وبغض النظر عن عمر وزارة محلب الثانية، وظروف استقالتها، إلا أنه يمكن المرور على أهم الأحداث التى مرت بها البلاد أثناء فترة توليها، والإنجازات التى تمت فى عهد الوزارة، وكذلك الإخفاقات التى نالت من تأييدها وعجّلتبتغييرها:
بالنسبة لأهم الإنجازات،استطاعت حكومة محلب الثانية تحقيق عدد من الإنجازات المهمة، على الرغم من أن بعض هذه الإنجازات تم بناؤها على قاعدة الثقة في القيادة السياسية للرئيس السيسي، وعلى المساعدات الاقتصادية الخليجية، فإنه سيظل يحسب لهذه الحكومة أنها استطاعت أن تبدأ برنامجا للإصلاح المالي لقيَ رضا صندوق النقد الدولي والمؤسسات الاقتصادية العالمية، وهو ما انعكس في تحسين درجة التصنيف الائتماني لمصر من "سلبي" إلى "مستقر" رغم أن مصر لاتزال بعيدة بعض الشيء عن أن تصبح بلدا جاذبا للاستثمار طبقا لتقدير مؤسسات التقييم الائتماني في العالم.
   كما استطاعت الحكومة بجرأة بالغة أن ترفع أسعار الوقود بهدف محاصرة الزيادات الكبيرة في الدعم، ومنها دعم الطاقة على وجه الخصوص الذي كان يبتلع ما يقدر بنحو 17% من الإنفاق في الميزانية[8]. كذلك أدخلت الحكومة نظاما جديدا لدعم السلع التموينية، شجعت به المستهلك المتلقي للدعم أن يتحول اختياريا إلى نظام للدعم النقدي، يستفيد منه أصحاب البطاقات التموينية بقيمة 15 جنيها للفرد المقيد في البطاقة بحد أقصى أربعة أفراد للأسرة الواحدة. وبذلك تحول بعض المستهلكين من السلع التموينية التقليدية إلى سلع أخرى، مستفيدين من الدعم النقدي الذي تتضمنه البطاقة التموينية[9].
كذلك قدمت الحكومةعددا من المزايا لفئات كانت تطالب بإصلاح أوضاعها الوظيفية والاجتماعية مثل المعلمين والأطباء وأصحاب معاشات الضمان الاجتماعي وغيرهم. وعلى سبيل المثال فإن موازنة 2013/2014 تضمنت زيادات في المصروفات بنسبة 19.3% لتلبية احتياجات اجتماعية مهمة. وتضمنت الميزانية زيادة في قيمة الأجور والتعويضات والمزايا للعاملين في الأجهزة الحكومية بنسبة 25%[10].كما تضمنت موازنة (2014/2015) 33 مليار جنيه لتغطية تكاليف تطبيق الحد الأدنى للأجور (18.3 مليار) وعلاوة الأعباء الوظيفية للمعلمين (7.2 مليار جنيه) والبدل المهني للأطباء (7.6 مليار جنيه) وزيادة قيمة معاشات الضمان الاجتماعي وإضافة فئات جديدة من المستفدين (6 مليارات جنيه) إضافة إلى 10 مليارات جنيه موزعة على 4 سنوات لتغطية تكاليف تثبيت العمالة المؤقتة ونقلها جميعا إلى الباب الأول في الميزانية.
كذلك فإنه لا يجب أن يغيب عن الأذهان أن هذه الحكومة استقوتبعدد كبير من المشروعات القومية العملاقة، التي يقود تنفيذها رئيس الجمهورية، كانت قد تضمنها برنامجه الرئاسي، ومن أهمها مشروع قناة السويس الجديدة، والمشروع القومي لاستصلاح 4 ملايين فدان، ومشاريع ممر التنمية وتطوير شبكات النقل والطرق. وقد استنهضت هذه المشروعات، خصوصا مشروع قناة السويس همم الناس، حتى إن المصريين قدموا أكثر من 62 مليار جنيه خلال أقل من عشرة أيام للاكتتاب في شهادات الاستثمار التي أصدرتها هيئة قناة السويس لتمويل المشروع[11].
وتظهر متابعة اجتماعات الوزارة سيطرة عدد من الموضوعات الحيوية على نشاط الحكومة. وقد كانت الأولوية التي تقدمت على ما عداها هي الأمن ومكافحة الإرهاب، وتلاها موضوع الطاقة وتوفير الكهرباء ثم مكافحة الفساد والإصلاح التشريعي. وقد أقرت الحكومة خلال اجتماعاتها الأسبوعية عددا من مشاريع القوانين أو تعديلاتها،  تضمنت إقرار قوانين للكيانات الإرهابية، وقصر الخطابة على خريجي الأزهر[12] ومكافحة التحرش الجنسي، وكذلك إدخال تعديلات على قوانين العقوبات والرشوة والفساد وتنظيم الجامعات والمرور وغيرها. كذلك اهتمت حكومة محلب بتسوية المنازعات مع عدد مهم من المستثمرين، ونجحت في عقد صفقات تسوية استردت عن طريقها مبالغ كبيرة من الأموال من شركات كانت قد خالفت عقودها[13].
ويحسب أيضا لوزارة محلب جهودها فى توفير الكهرباء وتأمين التغذية الكهربائية لكافة القطاعات وتنفيذ المشروعات طبقا للبرامج الزمنية المعدة لذلك لمواجهة أحمال الصيف ، واعتبار مسألة إتاحة الكهرباء قضية أمن قومي، حيث نجحت الحكومةفى معالجة أزمة انقطاع التيار، وافتتاح عدد من محطات الكهرباء فى العين السخنة وأسيوط وبنها والسويس، كما تعد مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة من أهم إنجازات قطاع الكهرباء فى حكومة محلب.
   ويأتى الإسكان ليكون من أهم قطاعات الإنجاز فى حكومة محلب، حيث تم البدء فى تنفيذ 240 ألف وحدة سكنية، 70 ألفا منها انتهت، وجارى تسليمها ، بالإضافة إلى الانتهاء من 1780 ملعبا وساحة رياضية، نفذت على أرض الواقع. حيث تم تدشين مشروع الإسكان الاجتماعى لمحدودى الدخل، وتم تسليم بعض الوحدات، وكذلك مشروع "دار مصر" للإسكان المتوسط فى عدد من المحافظات، والذى سيتم تسليم المرحلة الأولى منه فى يونيو 2016. بالإضافة إلى طرح أراضى للبيع للمستثمرين للبدء فى إقامة مشروعات استثمارية أو صناعية. كما تأتى أبرز جهود الحكومة في مجال رعاية متحدي الإعاقة، ومنها منح الأشخاص ذوى الإعاقة شهادات تأهيل من خلال مكاتب التأهيل الاجتماعى على مهن مناسبة لإعاقتهم وقدراتهم المتبقية لتمكينهم من العمل ضمن نسبة الـ5%
كما يأتى الانتهاء من حفر قناة السويس الجديدة خلال الفترة الزمنية التى حددها الرئيس واستعدادها للملاحة واستقبال كافة السفن الملاحية بجميع أنواعها ضمن احد أهم إنجازات حكومة محلب. كما يضاف إلى ذلك،البدء فى تنفيذ مشروع شبكة الطرق القومية الاستراتيجية للطرق بعد إعلان الرئيس عن تدشين مشروع قومى للطرق يتضمن إنشاء 39 طريقا جديدا ، وبناء عليه ،رصدت الدولة نحو 4 مليارات جنيه لاستكمال وتطوير خطوط مترو الأنفاق، فيما رصدت الباقي لتطوير وتحديث الموانئ البحرية، ورفع كفاءة النقل النهري. ورغم عدم الانتهاء من هذه المشروعات وفقا للخطة الزمنية الموضوعة والتى كان من المقرر لها أن تنتهى فى أغسطس 2015، إلا أنه لايمكن إنكار جهود الوزارات المعنية كالتخطيط والنقل والإسكان فى توفير الاحتياجات والاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ المشروعات والتى تم الانتهاء من بعضها ،بالإضافة إلى أعمال صيانة الطرق ورفع كفاءة الكبارى[14].
    ولعل من أبرز إنجازات حكومة محلب شراء الأسلحة من الصين وروسيا وفرنسا ، حيث تم توقيع عقد بين وزير الدفاع المصرى الفريق صدقى صبحى ، ونظيره الفرنسى جان إيف لودريان فى فبراير 2015 ،ليشمل بيع 24 طائرة من طراز "رافال" الفرنسية ومعدات عسكرية أخرى بقيمة مالية تتجاوز 5 مليارات يورو[15]، بالإضافة لشراء سفينتى "ميسترال".كما قامت مصر بالاتفاق على الحصول على صفقة طائرات مروحية من طراز "كا 52" من الجانب الروسي لتعزيز دخول مصر نادي الدول الكبرى المالكة لحاملات الطائرات إلى جانب كل من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا. هذا بالإضافة إلى تسليح البحرية المصرية بوحدتين من زورق الصواريخ "امباسادور"من الولايات المتحدة فى يونيو 2015[16].
وعلى جانب الإخفاقات،وقعت خلال الأشهر منذ تولى إبراهيم محلب رئاسة الوزارة أحداثا جسام، أثرت إلى حد كبير على التأييد الشعبى للحكومة. ومن هذه الأحداث إصابة بعض الأطفال في المدارس بسبب الإهمال لتناولهم وجبات فاسدة أو مقتل بعض الطلاب لعدم صيانة الأبنية التعليمية[17]، وتجاهل المطالب العمالية فى عدد من الشركات والمصانع مثل شركة الحديد والصلب، أو غيرها من شركات قطاع الأعمال العام التي تعاني من الفساد، بالإضافة إلى فشل الحكومة في تقديم سياسة زراعية قوية لمساندة الفلاحين، بل إنه على العكس عمدت الحكومة إلى زيادة أسعار الأسمدة[18].
أضف إلى ذلك صعوبات الحياة اليومية في المرور وارتفاع ضحايا حوادث الطرق والقطارات[19]، واستمرار تراكم أكوام القمامة في الشوارع، وصعوبات الحياة في العشوائيات التي لم تتحسن كثيرا على الرغم من كل الوعود. وعلى صعيد توفير فرص العمل ، يعد ملف البطالة هو إحدى المعضلات الاقتصادية التي تواجه مصر. وبالرجوع إلى أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإننا نجد أن متوسط معدل البطالة السنوي خلال الفترة منذ 1993 وحتى 2014 بلغ نحو 10.6%. وسجل الاقتصاد أقل معدل للبطالة خلال هذه الفترة في الربع الثاني من العام 1999 بنسبة 8.1% وهي نسبة مرتفعة بكل المقاييس حتى بالمقارنة إلى مستهدفات النمو في مصر، والتي كانت تحرص دائما على استهداف معدلات للبطالة لا تزيد في المتوسط على 5% سنويا.
وقد ساءت الأمور كثيرا بسبب عدم استقرار النظام السياسي، وانتشار حالة من الفراغ الأمني تسببت في إبطاء النمو الاقتصادي بشكل عام، وإلى تشريد مئات الآلاف من العاملين من وظائفهم، وهو ما جعل "الوظيفة الحكومية" بمثابة الملاذ الأخير لتحقيق "الأمان الاجتماعي" لأي شخص يبحث عن فرصة عمل. وبسبب تدهور الحالة الأمنية والاقتصادية فإن معدل البطالة الرسمي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 50 عاما. ويبلغ معدل البطالة حاليا حسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 13.4% وهو ما يعني أن ما يقرب من 3.7 مليون مواطن في سن العمل لا يجدون قوتهم.وهنا، يجب أن نقر أن حكومة محلب ورثت وضعا شديد الصعوبة من حكومات سابقة، وأن تلك الحكومات جميعا وبلا استثناء منذ سقوط مبارك لم تتقدم بشجاعة لمواجهة مشكلة البطالة، وهي في أحسن الأحوال حصرت هذه المشكلة في نطاق الاستجابة لتثبيت العمال المؤقتين أو تعيين بعض حملة الماجستير والدكتوراه الباحثين عن عمل.
  كما واجهت حكومة محلب مجموعة كبيرة من الانتقادات والاتهامات بالفساد والإهمال وعدم الكفاءة والتسبب في عدة كوارث تتعلق بالمال العام والتراث والحضارة المصرية، ارتبطت بشخص رئيس الوزارة نفسه فى قضية القصور الرئاسية ، وكانت محكمة جنايات القاهرة قررت في مايو 2014 بمعاقبة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وتغريمهم مبلغ 125 مليون و779 ألفًا و297 جنيهًا و53 قرشًا[20]،إلا أن الحكم لم يشمل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق.
     وبنظرة عامة على الأداء الوزارى ، نجد فشل وزير التعليم محب الرافعى فى أزمة "طالبة صفر الثانوية العامة" ، وضبابية موقف وزير الأوقاف مختار جمعة فى قضية تجديد الخطاب الدينى، بالإضافة إلى فشل وزير الآثار ممدوح الدماطى فى استرداد الآثار وترميمها، فقد أثارت واقعة ترميم قناع توت عنخ آمون جدلا ، وأقام الدكتور سمير صبري المحامي دعوى قضائية على إثرها أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وطالبت بإلزام رئيس الجمهورية بإقالة وزير الآثار ممدوح الدماطي بسبب هذه الواقعة[21].
    أما قضية "الفساد الكبرى" لوزير الزراعة والتى انتهت بإلقاء القبض على الوزير وحبسهوذلك بتهمة رشوة ممثلة في بعض الهدايا للوزير مقابل تقنين إجراءات مساحة أرض قدرها 2500 فدان بوادي النظرون لأحد الأفراد،تسببت هذه القضية فى تعطيل مشروع "المليون فدان" ناهيك عن تورط آخرين فى الوزارات الأخرى فى القضية، بالإضافة إلى فشل الوزير فى حل أزمة سد النهضة. وبالنسبة لوزارة التعليم العالي ، أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية  فى أبريل 2014 حكمًا ضد الدكتور السيد عبدالخالق وزير التعليم العالي، ورؤساء 4 جامعات، لامتناعهم عن تنفيذ حكم قضائي صادر من ذات المحكمة بالتوزيع الجغرافي لطلاب كليه طب أسنان دمنهور، وقضت المحكمة آنذاك بتوزيع الطلاب على جامعات الأسكندرية وطنطا وكفر الشيخ والمنصورة، حسب محال إقامتهم، وذلك بعد أن قدم وزير التعليم العالي كشوفًا على خلاف الحقيقة بتوزيع الطلاب وهميًا على الورق حسبما ذكرت المحكمة[22].
     ولعل قضايا الفساد والدعاوى المرفوعة على وزراء حكومة محلب المستقيلة تعد من أبرز أسباب رحيل الحكومة، إلى جانب عدم قدرة الحكومة على إنجاز مشروعات المؤتمر الاقتصادي، وتزايد الفجوة بين أداء الرئيس وأداء الحكومة، إضافةً إلى عدم تحسن أداء الخدمات بالرغم من رفع أسعارها، وسوء الأداء التشريعي للحكومة فيما يخص قوانين الخدمة المدنية والإرهاب والانتخابات.
وفيما يتعلق بالأداء الاقتصادى للحكومة، وجهودها لإصلاح الاقتصاد المنهك، فلم تكن كافية رغم جرأة الحكومة في التعامل مع بعض الملفات، واتخاذ قرارات كانت تتخوف منها حكومات سابقة، أهمها "ملف الدعم". ولعل المشكلة الكبيرة التي عانت منها حكومة محلب، هي غياب التناغم بين أعضاء الوزارة ، ففى حين أعلن وزير الاستثمار أشرف سالمان عن ضرورة خفض قيمة الجنيه أمام الدولار بهدف تشجيع الاستثمارات وزيادة الصادرات[23] ، كانت تأتى تصريحات وزير المالية هانى قدرى، ليؤكد الثقة فى الاقتصاد المصرى واستمرار الحكومة فى برامجها الإصلاحية لحماية محدودى الدخل ،ولذلك لم يشعر المواطن بمردود الإصلاحات التي تمت، خاصة وأن هناك تناقضات فادحة في سياسات الحكومة كانت غير قادرة على علاج الاختلالات المالية في الموازنة والسيولة النقدية وميزان المدفوعات، بجانب عجزها عن إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية المشوهة، وإنشاء شبكة حماية اجتماعية، لضمان عدمتحمل الفقراء عبء عمليات الإصلاح.كما أن سياسات الحكومة جاءت غير قادرة على استيعاب معدلات البطالة، أو تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، أو مواجهة الديون المتراكمة.
   ورغم أن قرار البنك المركزى بتخفيض قيمة الجنيه بقيمة عشرة قروش أمام الدولار قد جاء بعد استقالة حكومة محلب وتولى المهندس شريف إسماعيل الوزارة بقرابة الشهر[24] ، إلا أن هذا القرار يأتى فى ظل ارتفاع عجز الموازنة وانخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي ، وكلها كانت مظاهر تشهدها حكومة محلب ولم تستطيع التصرف معها، واستمرت فى ذات الوعود الاقتصادية المتعلقة بالإصلاحات المالية والاقتصادية ، الأمر الذى انتهى بتراجع قدرة البنك المركزي، على الدفاع عن قيمة الجنيه، وهو ما أدى إلى زيادة الأسعار، وارتفاع معدل التضخم في 2015، مع انخفاض القيمة الشرائية للجنيه، وارتفاع سعر الدولار.
وبعد استعراض أهم إنجازات وإخفاقات حكومة محلب كمتغيرات، يمكن إبداء عدد من الملاحظات على الأداء الحكومى فى 2015 :
فى سياق الاستقالة التى تقدمت بها الحكومة إلى الرئيس، لم تقم الحكومة هذه المرة بتقديم كشف حساب لها عن أدائها خلال فترة توليها والتى تجاوزت 15 شهرا ، وذلك على عكس ما تم بعد استقالة وزارة محلب الأولى بعد إجراء الانتخابات الرئاسية وفوز السيسى بالرئاسة كما سبقت الإشارة ، والتى قدم فيها محلب كشف حساب عن أداء الوزارة خلال ال100 يوم التى تولتها الحكومة بعد استقالة وزارة الببلاوى. ولعل لهذا ما يفسره خاصة فى إطار الإخفاقات التى نالت من شعبية الحكومة ، وتراجع أدائها الاقتصادى ناهيك عن القضايا التى عجزت الوزارات على مواجهتها والتناقض بين تصريحات بعض الوزراء.
صحيح أن فكرة دمج الوزارات أو فصلها ليس بجديد، ولكن ما حدث منذ 2011 بداية من حكومة عصام شرف وكمال الجنزورى وهشام قنديل مرورا بحكومة حازم الببلاوى وأخيرا حكومة محلب، أمر تكرر بشكل ملحوظ ،حيث ظهرت وزارات واختفت أخرى وانشطرت ثالثة، بل تم دمج وزارات لا يجب أن تنضم تحت كيان واحد، مثلما حدث مع وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار التى ظلت هكذا فى عهد وزارتى عصام شرف والجنزورى، إلى أن تم فصل الاستثمار عن الصناعة والتجارة فى عهد هشام قنديل والببلاوى، ثم قرر محلب فى حكومته الأولى أن يدمجهما مرة أخرى وجعلها تحت رئاسة منير فخرى عبد النور، ثم تدارك ذلك فى حكومته الثانية وقام بفصلهما وتعيين أشرف سالمان وزيرا للاستثمار وبقى عبد النور فى منصبه كوزير للصناعة والتجارة والصناعات الصغيرة وهو الاسم الجديد للوزارة.
ولم تعتمد قرارات الدمج والانفصال على دراسات صحيحة ومدروسة ولم يشر أحد من رؤساء الحكومات السابقة إلى أن سياساته جاءت بناء على مدى الخسائر والمكاسب فى حالة استمرار الفصل أو الدمج بين الوزارات، بل وقع جميعهم فريسة لمدى قبول أو رفض المرشحين للحقائب الوزارية. وفى حكومة محلب الثانية، لم تسهم هذه القرارات فى تغيير جوهرى للعديد من المشكلات المجتمعية، بل جاءت محاولات استحداث وزارات من العدم لتضيف تفاصيل أخرى إلى الصورة تتمثل فى مزيد من الأعباء والنفقات غير المبررة، مثل وزارة التعليم الفنى التى استحدثها محلب، وكذلك وزارة التطوير الحضارى، التى تم إلغائها في سبتمبر 2015 وإسناد مهامها إلى وزارة الإسكان. أضف إلى ذلك أن بعض الوزارات تم تغيير أسماؤها عدة مرات كما حدث مع وزارة شئون مجلسى الشعب والشورى والتى حملت ثلاثة أسماء حسب كل حكومة فتحولت إلى وزارة المجالس النيابية ثم العدالة الانتقالية ومجلس النواب، كما شهدت حكومة محلب تضارب الاختصاصات بين بعض الوزارات مثل وزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولي والهجرة والعاملين بالخارج .
رغم الإخفاقات التى نالت من شعبية حكومة محلب، إلا أنه لايمكن إنكار نجاحها على مستوى الجرأة سواء فى اتخاذ بعض القرارات كرفع الدعم ، أو الجرأة فى تولى الحقائب الوزارية فى مرحلة تتسم بعدم الاستقرار السياسى والأمنى. ويمكن القول أنه على الرغم من أن بداية فترة تولى حكومة محلب بدءا من يونيو 2014 كان الأداء الحكومى أفضل كثيرا قبيل تقديم استقالتها فى سبتمبر 2015 رغم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية نسبيا عما كانت عليه فى 2014. ولعل لهذا ما يفسره ، وهو تراجع الأداء الاقتصادى للحكومة ،وتراجع ثقة المواطنين فى أدائها، وتصاعد قضايا الرأى العام والتى لم تستطيع الحكومة مواجهتها أو إيجاد حلول لها، إضافة إلى تراجع المساعدات الخليجية التى كانت سببا رئيسيا فى نجاح أو تحسن الأداء الاقتصادى للوزارة عند بداية توليها.
اتساقا بالنقطة السابقة ، حظى الرئيسبثقة المواطنين فيه،لكنهم لم يمنحوارئيس حكومته نفس الشعور، رغم ما اتسم به أداء رئيس الوزراء تحديدا فى التواصل مع الناس والنزول إلى الميدان ومتابعة التطورات فى مختلف المحافظات والمشروعات بنفسه. ورغم تراجع الثقة ، إلا أنه وفقا لاستطلاع المركز المصرى لبحوث الرأى العام "بصيرة"[25]، الذي أجراه قبل استقالة حكومة محلب بيومين ، أن 53% من المصريين يرون أن أداء محلب كان جيدا، وهي النسبة ذاتها التي حققها محلب بعد أول شهر لتوليه الوزارة .وأنه خلال الفترة التي تجاوزت 18 شهرا شهد تقييم المصريين لأداء محلب تذبذباً وكانت أقل نسبة حصل عليها هي 50% بعد 6 أشهر من توليه الوزارة وأعلى نسبة كانت 70% في يونيو 2015. وأظهرت نسبة لم تتجاوز 3% أن أداء محلب سئ مقابل 17% يرون أن أداءه متوسط و26% أجابوا بأنهم لا يعرفون.
    وجدير بالذكر أن هذه النتائج هى نتائج نسبية تجرى على عينة من المواطنين ، ولكنها تكشف الرضا النسبى عن الأداء مقارنة مثلا بتقييم أداء حكومة محلب وحكومتى الببلاوي وقنديل اللذين توليا رئاسة مجلس الوزراء قبله. فنجد أن محلب هو الأعلى شعبية بين المصريين منذ بداية توليه الوزارة وحتى خروجه منها، فبالنسبة للدكتور هشام قنديل الذي تولى رئاسة مجلس الوزراء في عهد الرئيس محمد مرسي لمدة 11 شهرا ، كانت نسبة من يرون أن أداءه جيد 34% بعد أول شهر من توليه رئاسة الوزراء وانخفضت النسبة إلى 14% في آخر شهر لتوليه.أما الدكتور حازم الببلاوي الذي تولى رئاسة مجلس الوزراء لمدة 5 شهور فقد كانت نسبة من يرون أن أداءه جيد 37% بعد أول شهر من توليه وانخفضت النسبة إلى 22% في آخر شهر لتوليه .
  ولعل لهذه النسب ما يفسرها، فتولى وزارة محلب جاء بعد اتساع نطاق المطالب والإضرابات الفئوية والعمالية، الأمر الذى دفع حكومة الببلاوى إلى الاستقالة وتولى حكومة محلب الأولى التى قامت باستيعاب عدد من هذه المطالب. ومع تجديد الثقة فيها بتولى الرئيس السيسى السلطة، كان ذلك بمثابة التأكيد على استمرار الحكومة فى الوفاء بوعودها، مما انعكس على الموقف الشعبى ونسبة الرضا عن أداء الحكومة. ووفقا لنتائج الاستطلاع الذى يشير إلى استمرار نسبة الرضاء عن أداء الحكومة قبل يومين من استقالتها، فإن لذلك ما قد يفسره أيضا رغم إخفاقات الحكومة، وهو عدم الثقة فى سياسات الحكومة الجديدة ،التى قد تتخذ بعض القرارات الاقتصادية التى قد تؤدى إلى ارتفاع الأسعار ومعاناة المواطنين، خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والتى بانتهائها يتعين للحكومة أن تقوم بتقديم استقالتها.
ردا على آلية "الجولات الميدانية" لتيسير الإجراءات واتخاذ القرارات التى اتسم رئيس الوزراء بتبنيها، واعتبار تلك الآلية من المميزات التى أضافت إلى حكومة محلب وساعدت على التحامه وتواصله مع المواطنين. لم تعد تلك الآلية مقبولة من قبل العديد من المواطنين خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء ووزير الصحة المفاجئة إلى معهد القلب ومعهد "تيدور بلهارس" فى يونيو 2015، اللتان تعدان من أكبر المؤسسات العلاجية الشعبية في مصر. وفوجىء وقتها رئيس الوزراء بكم الإهمال وغياب النظافة، الأمر الذي نتج عنه توبيخ مسئول على الهواء مباشرة أمام كاميرات الإعلام من قبل رئيس الوزراء ،كما أُقيل مسئول آخر بسبب هذه المخالفات[26]، وهو أمر لم يعتده المصريون من قبل، واحتفت به الدوائر الإعلامية المقربة من النظام، محاولة لترويج صورة جيدة عن رئيس الوزراء.
   إن ما حدث في هذه الزيارة جاء كتكذيب عملي لتصريحات سابقة لوزير التعليم العالي في حكومة محلب الذي قال فيها أن "مصر تمتلك مستشفيات عالية الجودة وبالغ في الأمر ووصفها بأنها أفضل من تلك الموجودة في بريطانيا"[27].ولم يقيل رئيس الوزراء وزير الصحة باعتباره مسئولا عما شهده من فساد وإهمال، وهو الأمر الذي دفع بعض من شباب الأطباء لتدشين صفحة "عشان لو جه ميتفاجئش" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"[28] لرفع صور الإهمال والفساد وغياب النظافة في العديد من مقار المؤسسات الصحية في مصر وغياب الإمكانيات المطلوبة، حتى لا يتفاجئ بهذا الأمر أي مسؤول رسمي في الدولة إذا ما قرر أن يذهب في زيارات مفاجئة. وبزيادة زوار الصفحة ، تراجعت آلية الزيارات الميدانية المفاجئة لرئيس الوزراء كآلية لاكتساب التأييد الشعبى ، وعكست الواقع الذي يلا يراه المسئولون في مصر، كما تم اتهام زيارات رئيس الوزراء كون هدفها الـ "شو الإعلامي" والتنصل من العواقب الوخيمة التي أصابت المنظومة الصحية في مصر على يد الحكومة.
جاء تأجيل موعد إجراء الانتخابات البرلمانية أكثر من مرة خلال فترة تولى حكومة محلب كضربة لشعبية الحكومة وتراجع المواطنين فى الثقة على الوفاء بوعودها على المستوى السياسى. ومع صدور قوانين مثل قانون الإرهاب وقانون الخدمة المدنية ، واللذين لاقا جدلا كبيرا فى الشارع ، بالإضافة إلى عجز الحكومة عن تسويق تلك القوانين ، ناهيك عن صدورقانون تقسيم الدوائر الذى حكم عليه بالبطلان لعدم دستوريته[29]، الأمر الذى تسبب فى تأجيل موعد الانتخابات، كلها أمور نالت من مصداقية الحكومة، خاصة وأن وزير العدالة الانتقالية هو من يقوم بإعداد تلك القوانين كونه رئيسا للجنة الإصلاح التشريعى قبل تقديمها لمجلس الدولة لمراجعتها ،تمهيدا لتقديمها للرئاسة لإصدارها.
انتهت فترة تولى وزارة محلب الثانية بتقديم استقالتها ووضعها تحت تصرف الرئيس الذى قبلها فى 12 سبتمبر 2015، وقامت بتسيير الأعمال إلى أن تم الانتهاء من تشكيل حكومة شريف إسماعيل، وتعيين المهندس إبراهيم محلب مساعدا للرئيس للمشروعات القومية. لقد تولت وزارة محلب الثانية مهامها لفترة اقتربت من 15 شهرا ، والتى تزامنت مع حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى الذى صاحب بداية توليها، واستمر خلال تلك الفترة صعودا وهبوطا، مرورا بتراجع الحكومة عن الوفاء بعدد من وعودها كالمطالب الفئوية وإجراء الانتخابات البرلمانية ، وصولا إلى تراجع الوضع الاقتصادى الداخلى مع نهاية فترة توليها،كلها عوامل ألقت بظلالها على أداء الحكومة ونالت كثيرا من التأييد الشعبى الذى حظيت به، إلا أن هذا التأييد كان الأعلى على الإطلاق خلال الأربع سنوات المنقضية مقارنة بجميع وزارات ما بعد يناير 2011.
ثانيا:وزارة شريف إسماعيل:
أدت الحكومة الجديدة ، برئاسة المهندس شريف إسماعيل ، اليمين الدستورية أمام الرئيس، يوم السبت الموافق 19 سبتمبر 2015 بقصر الاتحادية.وتألفت الحكومة من ثلاثٍ وثلاثين وزارة[30]، وشهدت تعيين ستة عشر وزيراً جديداً من بينهم وزراء التنمية المحلية والسياحة والزراعة والنقل والتعاون الدولي والثقافة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبترول والثروة المعدنية، والقوى العاملة، والتجارة والصناعة، والدولة للإنتاج الحربي، كما تم ضم ثلاث وزارات شملت التعليم العالي والبحث العلمي، والصحة والسكان، والتربية التعليم والتعليم الفني، فضلاً عن استبدال وزارة العدالة الانتقالية بوزارة الشئون القانونية ومجلس النواب، واستحداث وزارة دولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج.
    استمر التشكيل الوزارى لحكومة شريف متبعا لسياسات الدمج والفصل والاستحداث لوزارات، مماأثار تساؤلات بشأن مدى مساهمة هذه القرارات فى إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، ومدى اعتماد مثل هذه القرارات على تقارير أداء مدروسة توضح حجمالخسائر والمكاسب فى حال الفصل أو الدمج.وقد يكون السبب وراء دمج بعض الوزارات هو تعرض رؤساء الحكومات لمأزق يتمثل فى عدم قبول عدد من الشخصيات العامة لتولى بعض الحقائب الوزارية، وقد يكون الهدف هو تقليل حجم النفقات الحكومية. وجدير بالذكر أن سمة غياب الشباب عن الوزارات، وضعف تمثيل المرأة فيها استمر فى حكومة شريف على غرار حكومة محلب الثانية.
قوبل الإعلان عن تكليف المهندس شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة، بالرفض من قبل البعض رغم إخفاقات حكومة محلب ،خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية وقصر عمر هذه الوزارة التى أطلق عليها البعض "وزارة ال3 أشهر". كما كان هناك رفض لتكليف المهندس شريف إسماعيل تحديدا لأنه مهندس بترول وليس له علاقة بالقطاعات والأنشطة الأخرى وخاصة الملف الاقتصادي.وأضيف إلى أسباب الرفض،احتواء القائمة بعضرجال الرئيس مبارك، مثل وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر ، ووزير العدل المستشار أحمد الزند،بالإضافة إلى استمرار وزير الاستثمار أشرف سالمان في موقعه، مما مثّل ذلك صدمة للوسط الاقتصادي أسواق المال، خاصة وأن تراجعت البورصة في عهده بنسب قياسية ، بالإضافة إلى تصريحاته -السابق الإشارة إليها- فيما يتعلق بضرورة تخفيض قيمة الجنيه. كما استمر وزير التموين الدكتور خالد حنفي، في موقعه رغم الأزمات الخاصة بمنظومة دعم السلع، وكذلك وزير الآثار ممدوح الدماطى رغم ما سبقت الإشارة إليه من فشل وزارته فى استرداد الآثار من الخارج وترميمها.
كما أثيرت بعض التخوفات على الساحة السياسية بشأن تغيير الحكومة قبل إجراء الانتخابات بفترة قصيرة، معتبرين أن الحكومة الجديدة ستتعامل كحكومة تسيير أعمال لحين انتخاب حكومة جديدة ولن تتخذ قرارات جذرية حيال القضايا المطروحة.وقد لا يتحقق ذلك، رغم أن مخاوف البعض من تغيير الحكومة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية هى مخاوف مشروعة وحقيقية، إلا أن نجاح الوزراء فى أداء مهامهمقد يؤدى إلى تجديد الثقة فى الوزارة واستمرارهم فى مناصبهم بعد انتخاب البرلمان.
ومن بين تفسيرات تغيير الحكومة فى هذا التوقيت ،أن التغيير جاء قبل الانتخابات لمنع تصويت الناخب وهو مشحون ضد الحكومة السابقة لتراجع أدائها -خاصة على المستويين الخدمى والاقتصادى- ومن ثم جاء التغيير لامتصاص غضب الناخبين، لأن الناخب دائما لديه ميل لإعطاء الحكومة الجديدة فرصة. ولهذا، قد يكون تغيير الرئيس للحكومة فى هذا التوقيتمدفوعا بدلالات انتخابية أكثر من كونه تغييرا فى السياسات.
   وإنصافا لايمكن الحكم على أداء وزارة شريف نجاحا أو فشلا، خاصة مع قصر المدة منذ تولى الوزارة حتى كتابة هذه السطور ،لذا يأتى هذا الجزء وصفيا بعيدا عن تحليل وتقييم الأداء الحكومى، ولكن من الممكن استعراض أهم الملفات المنوط بالوزارة التعامل معها ، مثلالانتهاء من الانتخابات البرلمانية وتأمينهاوهو التحدي الأكبر لحكومة شريف ، بالإضافة إلى مكافحة الفساد والتصدى له والكشف عن أى انحرافات بالتعاون مع الأجهزة الرقابية.وكذلك الوفاء بوعود السلطة التنفيذية للمواطنين ، كمشروعالمليون ونصف فدانوسبل الانتهاء منه في الخطة الزمنية المحددة من الرئيس، ومشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى الملفات التي تمس حياة المواطن ،مثل ملف النظافة، والدور الخدمى للحكومة الجديدة تحديدا فيما يتعلق بالخدمات التعليمية والصحية للمواطنين ،وتطوير الجهاز الإداري للدولة لرفع الكفاءة ومستوى الأداء، وكذلك مشروعات البنية الاقتصادية كالطاقة والطرق والبنية التشريعية اللازمة للاستثمار. وقد قام رئيس الوزراء بتعيين 3 مستشارين له وهم أسامة عبد العزيز مستشارا إعلاميا،وأحمد نبيل، مستشارا لشئون المتابعة، والدكتورة غادة لبيب، مستشارة للشئون الفنية، وذلك بعيداعن الجولات الميدانية فى الشوارع ، كما تعود المواطنين من رئيس الوزراء السابق.
    لقد رفعت حكومة شريف شعار العمل فى صمت، وغابت تماما عن الجولات الميدانية فى الشوارع، ومتابعة المشاكل على أرض الواقع. إن الإنجاز لحكومة شريف يتطلب التوقف عن إطلاق الشعارات والإفراط في التصريحات ، ومصارحة الرأى العام،لكى يبقى الاختبارالحقيقي هو العمل على الأرض وهذا ما سوف تحسمه الأيام القادمة.ولعل القرار بتخفيض قيمة الجنيهبقيمة 10 قروش ليصل إلى 793 قرشًا، وإعلان الحكومة عن مواجهة الأزمات بالقروضفى أول ظهور جماهيرى لرئيس الوزاراء مع عدد من وزرائه[31] ، من خلال طرح ســندات دولارية بقيمة 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى الحصول على قرض من البنك الدولى بقيمة 3 مليارات دولار، كلها إجراءات تأتى فى سياق الإعلان عن وضع الاقتصاد ومكاشفة الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الحكومة والمواطنين فى الفترة القادمة.


     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق