الخميس، 5 نوفمبر 2015

 قال المستشار ناصر حسن موضحأ ان الانتخابات التى ستجرى فى غضون شهر اكتوبر من عام 2015
ستشهد بناء التحالفات انتخابيه رسمت عقب الإعلان مباشرة عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية، كمحاولة ليس فقط لهندسة الفضاء السياسي والتعددية الحزبية ومواجهة التيارات الدينية، التي عادت إلى العمل السياسي المسلح والعنيف، ولكن لتكوين تيار مدني موحد يساند الرئيس في  استكمال خارطة الطريق والبحث عن الاستقرار المنشود، وإعادة الانفتاح على العالم الخارجي، في ظل موقف دولي غامض من ثورة 30 يونيو 2013.
 ومن الأهمية الإشارة إلى أن التحركات الفعلية على الأرض أثبتت صعوبة بناء تحالف انتخابي واحد يجمع الأحزاب والقوى المدنية، لأسباب كثيرة: أولها، أن آفة الحياة الحزبية سرعان ما انتقلت إلى التحالفات الناشئة التي اتسمت بأن عمودها الفقري هو "الشلة" أو "العائلة" أو بعض "الباحثين عن دور سياسي" في مرحلة السيولة السياسية التي مرت بها مصر خلال الأعوام القليلة الماضية، مستغلين في ذلك حالة الحراك الثوري منذ 2011. فضلاً عن ضعف الأحزاب التي فشلت في ملء الفراغ السياسي الذي خلفه "الحزب الوطني" وجماعة "الإخوان"، ربما لأنها تفتقر إلى الموارد والأفكار التي تمكنها من لعب أدوار في مساعدة الناس في القرى والأحياء الفقيرة.
ثانيها، جمود وانتهازية غالبية النخب السياسية التي تقود الأحزاب أو تشارك في صنع التحالفات، حيث فشلت كعادتها في التفاوض والتوصل إلى صيغ مشتركة للعمل، بالرغم من تماثل الأفكار والقوى الاجتماعية التي تعبر عنها بعض الأحزاب، كما لم تتمكن النخبة السياسية من حسم موقفها من التعامل مع الشخصيات المحسوبة على نظام مبارك. وثالثها، النظام الانتخابي، الذي يعتمد على نظام الغالبية في الدوائر الفردية. ورابعها، ضعف وهشاشة التبرير السياسي والإيديولوجي لقيام التحالفات الانتخابية، فقد تراجعت مخاطر عودة "الإخوان" في ظل ما يتعرض له التنظيم والأفراد من ضربات أمنية علاوة على حالة العداء الشعبي ضدهم، كذلك تراجعت فرص حزب النور السلفي بعد انكشاف ضعف خطابه وقلة خبرته السياسية. 
 تحالفات انتخابية أم سياسية:
من الناحية التكتيكية يعتبر التحالف الانتخابي مرتبطًا بالتكامل بين مؤسسات حزبية أو أفراد. ويقصد به إحلال التعاون محل المنافسة التي قد تؤدي إلى خروج أحد الأطراف من العملية الانتخابية، فالتحالف يؤدي إلى السيطرة على المخاطر والتهديدات، والتشارك في الأرباح والمنافع والمكاسب الملموسة وغير ملموسة. ومن الناحية النظرية قدم "بروس تاكمانBruce Tuckman" صاحب نظرية "المراحل الأربعة لبناء فرق العمل"، التي وصلت إلى علم السياسة لتجد صدى إيجابيًا لتصميم التحالفات الانتخابية والحزبية. حيث يشير تاكمان إلى أربعة مراحل يجب المرور بها لبناء أو تصميم تحالفات انتخابية أو حزبية، يمكن طرحها على النحو التالي:
المرحلة الأولى، هى مرحلة التشكيل أو التكوين Forming، تكون فيها رغبة من الأطراف المجتمعة للدخول فى تحالف، وتتسم بشعور عال من الحماس بين الأطراف، والشعور بأن احتمالات النجاح تفوق الفشل، ويتم التركيز على المصالح المشتركة بينهم وتنحية الخلافات جانبًا، كما أن هذه المرحلة لا يوجد فيها أي إلزام على الأطراف، ويكون هدفها توضيح طبيعة التحالف وأهدافه.
المرحلة الثانية، وهى مرحلة العصف Storming، تشهد تكليفات ومهام للأطراف، كما تتسم بكثرة الجدل والمناقشات المنظمة وغير المنظمة. فى هذه المرحلة قد تزداد الثقة بين أطراف التحالف وفى المقابل قد يزداد الاستقطاب بينهم عند ظهور مصالح وأهداف شخصية، وقد ينهار مشروع التحالف مع استمرار المناورات والتشكيك فى صعوبة تحقيق الهدف، وقد ينتقل المشروع للمرحلة التالية نتيجة نجاح القيادة فى بناء جو من الثقة وإدارة الفريق.
المرحلة الثالثة، هى مرحلة التطبيع والتعاون Norming، وتتسم بالتعاون وإحساس الأطراف بهوية الفريق، وتنعدم حالة الاستقطاب، وتزداد مستويات التحفيز. وفى هذه المرحلة يأخذ التحالف شكلاً تنظيميًا، وتصبح العلاقة بين أعضائه طبيعية ومغلفة بوثائق مكتوبة يتحدد فيها أطراف التحالف والتكاليف المحددة لكل طرف، وتصدر القرارات بالتوافق.
المرحلة الرابعة، هى مرحلة الأداء والعمل الفعلى Performing، تأتى هذه المرحلة نتيجة للمرحلة الثالثة، حيث تصبح الأدوار مرنة ووظيفية، وتعمل الأطراف كوحدة واحدة، وتطور الأطراف من أدائها لتحقيق الهدف.
وهنا يمكن الإشارة إلى أن أربع دول فى العالم شهد لها العالم بالقدرة الهائلة على بناء التحالفات الحزبية هي: (إسرائيل، هولندا، إيطاليا، كندا). وعلى الجانب الآخر، هناك أربع دول شهد لها العالم بالفشل التام فى بناء التحالفات الحزبية: (الفلبين، باكستان، كينيا، بوليفيا). ويعتقد الباحث بأن مصر من الممكن أن تضاف إلى هذه الدول الأخيرة.

واللافت للنظر أنه مع فشل كل محاولة بناء تحالف ما تثور جدلية شهيرة، هي: أن الأحزاب التي فشلت في بناء التحالف الانتخابي تؤكد على أنها بالفعل في تحالف سياسي. وهو قول باطل يراد به باطل، وذلك لعدة أسباب، منها: أولاً، أن الأحزاب التي فشلت في بناء التحالف الانتخابي تريد أن تحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام وأمام أعضائها. ثانيًا، تريد تضخيم تأثيرها السياسي في المجتمع. ثالثًا، لكي تترك الباب مواربًا أمام احتمالات الدخول مرة ثانية في محاولات إعادة بناء تحالفات جديدة، وهو ما حدث بالفعل. وكأن الغاية النهائية للأحزاب هي بناء تحالف  أو الانضمام لتحالف ما، فضلاً عن التمثيل داخل البرلمان حتى ولو بمقعد واحد فقط، بناء على القول المأثور: "ما لا يدرك كله لا يترك كله". وقد تناست الأحزاب بأن الأصل في خوض غمار سباق التنافس الانتخابي، هو الفردية والذاتية الحزبية، وذلك لأن العملية الانتخابية فرصة مواتية لكي تقوم الأحزاب بشرح برامجها الحزبية والانتخابية الخاصة بها، بدلاً من بذل الجهد في شرح برنامج التحالف القائم، إن حدث ذلك من الأصل. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق